إحساس الفضل والثناء الّذي يملأ الشخص تجاه من يعتبره منقذًا يكون معقّدًا، وفي حالة الفنّانين يرد أن ينتج عنه عمل فنّيّ يعبّر عن هذا الإحساس. يعتبر فيلم «ستاتز» - (2022 Stutz) إحدى هذه الأمثلة، فيعلن بمقدّمة الفيلم الممثّل جوناه هيل عن سبب القيام بهذا العمل بقوله: «عزمت على تصوير هذا الفيلم لأنّني أردت أن أظهر أدواتك، وتعاليمك الخاصّة، "فيل ستاتز"، معالجي النفسيّ بطريقة تتيح للناس فرصة الاطّلاع عليها واستخدامها في جعل حياتهم أفضل.» ويضيف أيضًا: «وأردت أن يكون الأمر بمثابة تقدير لحياة شخص أحترمه جدًّا وأهتمّ لأمره». تنبني المقدّمة حول غرفة صغيرة الحجم، هيل وستاتز يجلسان أمام بعض، باستخدام: عدسة مقرّبة، تقطيع متكرّر، وتغيير مستمرّ لزوايا التصوير.
تقوم المقدّمة في إنشاء محاور الفيلم التالية: علاقة ستاتز وهيل، أساليب ستاتز الخاصّة به في جلساته، وكيف تختلف أساليبه عن بقيّة زملائه. بذكر وعود كبيرة حول إمكانيّة هذه الأساليب كمفتاح لفهم الحياة، وبرغم السرد الجماليّ المستخدم في الإنتاج يبدأ ظهور بعض من بوادر الضبابيّة حول الحدود الشخصيّة للعلاقة بين ستاتز وهيل، يتبادلان الحديث في بادئ الأمر بتجاربهما بشكل أقرب لمحادثة عادية من جلسة علاجيّة إلى أن يمتنع هيل عن ذكر معلومات شخصيّة بشكل يدير به الحوار حول ستاتز ويجعل بذلك الحوار أقرب لجلسة بين المعالج (هيل) واللايف كوتش (ستاتز).
يجلس كلّ منهما بجوار الآخر ويعلن هيل: «كيف يمكنني أن أصنع فيلمًا عن نقاط ضعف الناس وعن حلّ مشكلاتهم، وألّا أكون أنا نفسي من بينهم؟»
يقوم هيل خلال هذا الجزء من الفيلم بتعرية كلّ هذه الأمور بهدف خلق تجربة عفويّة وصادقة يكون له ولستاتز يد في صنعها واختيار توجّهها. يتّضح أيضًا أنّ المقدّمة أخذت من الوقت ما يقارب سنتين من العمل، وأنّ جلسة التصوير لم تتمّ في يوم واحد وأنّ هيل انتابه إحساس أنّه مخادع بسبب طريقة الإنتاج المختلقة: شعره ولباسه من معلنين، وحتّى مكتب ستاتز كذلك ليس بمكتبه، ولكن ستوديو إنتاج. اللقطات تصبح أطول، الجمل تنساب من أفواههما بشكل متّسق، الزوايا تصبح أوسع ويظهر فيها بعض من فريق الإنتاج، الكلام يصبح أكثر جدّيّة وذا طابع شخصيّ للغاية من الطرفين بشكل متساو وعلى الرغم من استخدام جمل فكاهيّة لغرض تجنّب التفاصيل المزعجة بالنسبة إليهم يبقى الحوار شخصيًّا لدرجة تبعث إحساس أن المشاهد دخيلًا عليهما. تقوم أم هيل بزيارة الاستوديو ويضاف بُعدا آخر للعلاقة الموجودة أمامنا.
يستخدم هيل توزيع الكراسي كوسيلة للتلميح البصريّ إن كان سيشارك ستاتز كرسيّ العلاج، أم سيقوم بدور المحاور. ومع القرب من النهاية يتمّ التركيز حول شرح الأساليب أكثر من السرد القصصيّ.
مع كلّ هذه الجهود من الصعب جدًّا توضيح عمق العلاقة بين هيل وستاتز، وتحديد مدى الحدود بينهما أو الصلاحيّة الأخلاقيّة في طبيعة العلاقة العلاجيّة، حيث ينساب الفيلم لطابع علاقة شخصيّة لصديقين أكثر من علاقة ذات طابع علاجيّ، والتركيز في الأساليب السرديّة والجماليّات الإنتاجيّة لهذا الوثائقيّ يبعد النظر عن هذه الخلافات.
عمل ستاتز شخصيّ للغاية ويمكن القول إنّه مفرط التشبّع بالتفاصيل الشخصيّة لحياة كلا الطرفين، وكذلك هو فيلم برداء نفسيّ ووعظيّ مبسّط، لا يمكن أن يشبه أيّ جلسة من جلسات العلاج النفسيّ، تذكّر فيه أدواته وتعاليمه بشكل مبسّط ولكن كافيًا لمن يهتمّ في شراء الكتاب المكمل.