قطار الرياض: "سكَّة" ملهمة لصنّاع الأفلام

بالحديث عن المخرج ستيفن سبيلبيرغ، كفردٍ من المجتمع قبل أن يصبِح مخرجًا، يصحُّ القول إنَّه ربَّما ما كان ليمتهن الإخراج لولا وجود القطار كعنصرٍ أساسيٍّ في المدينة. إن صحَّ هذا بالنسبة له، فماذا بشأن الـ١٠ مليون نسمة الذين يسكنون الرياض؟ أليس من بينهم العديد من العقول التي تتشابه مع عقليَّة سبيلبيرغ وتنتظر تلك الأداة التي تساعدهم على كشف الغياهب الإبداعيَّة في أذهانهم؟

في نهايات نوفمبر ٢٠٢٤، بدأ فصل جديد في مدينة الرياض، حيث أسهمَ قرب مقرات العمل والسكن من محطات القطار في تسهيل التنقل اليومي بشكل ملحوظ. وقد أظهرت المدينة، بسكانها واجتهادها وتطورها المتسارع، تأثيرًا عميقًا في ترسيخ الالتزام بأسلوب حياة أكثر انتظامًا وإنتاجية.

مع تشكُّل فصلٍ جديدٍ في أسلوب الحياة اليوميَّة، برز مشهدٌ لافتٌ على منصَّات التواصل: ولادة جيلٍ جديدٍ من المصوِّرين السينمائيِّين، والذي تزامنَ بوضوحٍ مع افتتاح محطات القطار. لقد تحوَّلت مشاهدُ الحياةِ اليوميَّة – كامتزاج أشعَّة الشمس بانعكاسات الزجاج، وضبابيَّة حركة المقطورات المتسارعة مع التصاميم الإبداعيَّة للمحطات مثل محطَّة "KAFD" والتي صمَّمتها المهندسة الراحلة زها حديد – إلى لقطاتٍ تبدو وكأنَّها خرجت من عدساتٍ سينمائيَّةٍ محترفةٍ وعقولٍ ماهرةٍ بصريًا.

أثار هذا التطوُّر في الثقافة البصريَّة الفنيَّة تساؤلًا ملحًا: كيف يمكنُ أن يؤثِّرَ القطار في صُنَّاع الأفلام في السعوديَّة؟ هل يقتصرُ تأثيره على الإلهام البصري؟ أم أنَّ أثره يتجاوزُ ذلك إلى جوانبَ أعمق؟ من هنا انطلقت محاولتنا لفهم هذا الأثر وتحليله من زوايا متعددة، انطلاقًا من نماذج عالمية تستعرضُ وجهة نظر صانع الأفلام تجاه القطار.

القطار بوصفه موتيفًا سرديًا

ولمحاولة تفكيك علاقةِ القطار بالعمليَّة الإبداعيَّة في صناعة السينما، لا بدَّ من إبرام اتفاقٍ ضمنيٍّ لتمريرِ الفكرة، ويقضي هذا الاتِّفاق بعدم النظر إلى القطار كمجرَّد عنصرٍ بصريٍّ، بل كأداةٍ دراميَّةٍ ذات إمكانيَّاتٍ سرديَّةٍ هائلة.

عندما نشاهد مشهدًا لقطارٍ في فيلم، ما هو أوَّل ما يتبادر إلى أذهاننا؟ هل يجسِّدُ شعورًا بالوحدة لدى الشخصيَّات كما نرى في فيلم «هي» (Her - 2013)؟ أم أنَّه مقدِّمةٌ للقاءٍ مصيريٍّ قد يغيِّر مسار القصَّة مثل فيلم «قبل الشروق» (Before Sunrise - 1995). لطالما ارتبط القطار في السينما بالإمكانيَّات المفتوحة، فهو ليس مجرَّد وسيلة نقل، بل فضاءٌ أفقيٌّ ممتدٌّ يحتملُ كلَّ شيء: من الفراق إلى اللقاء، ومن الهروب إلى الاستعداد لبدايةٍ جديدة. وإذا كان رصيف 9 ¾ في فيلم «هاري بوتر» بوابةً إلى عالمٍ سحري، فإنَّ القطار هو الوسيلة التي تقودنا إليه. بل قد يتحوَّل القطار إلى شخصية مهمة من شخصيَّات الفيلم أكثر من كونه مجرَّد موقعٍ للتصوير، بحيثُ يعبِّر عن الحالات النفسيَّة المتضادَّة، أو يُبرزُ التوتُّر القائمَ بين واقعِ الشخصيَّات المألوف ومستقبلها المجهول.

ليس غريبًا أن يكون القطار من أولى الصور التي عرفها البشر عبر السينما. فعند ذكر اسم الأخوين لوميير، يتبادرُ إلى الأذهان فيلم «وصول القطار إلى محطة لا سيوتا» (L'Arrivée d'un train en gare de La Ciotat - 1896) الذي وثّق لحظة دخول قاطرةٍ بخاريَّةٍ إلى المحطَّة. وقد شاع أن الجمهور آنذاك أصيب بالذعر، معتقدًا أن القطار سيقتحمُ القاعة، ورغم أنَّ الأبحاث لم تثبت صحَّة هذه الرواية تاريخيًا، إلا أنَّها تحوَّلت إلى أسطورةٍ سينمائيَّةٍ تضفي على المشهد هالةً من الافتتانِ والدهشة. في تلك اللحظة، لم يكن القطار مجرَّد وسيلة نقل، بل أصبح رمزًا لاكتشاف قوَّة تأثير السينما، بما أنَّ الصورة المتحركة لم تعد مجرَّد عرضٍ بصري، بل تجربةٌ توهم المشاهد بأنَّه داخل الحدث نفسه.

لاحقًا، تجاوز القطار كونه مجرَّد محطَّةٍ للأحداث وأصبح عنصرًا محوريًّا في بناء السرد السينمائي، حيثُ تتحوَّلُ كلُّ محطَّةٍ إلى نقطةِ تحوُّلٍ تعيد تشكيلَ مسار الشخصيَّات، وربما الفيلم بأكمله.

«سنكتبُ بعضَ فواتِ القطارِ»

يشبهُ القطار في جوهره الحياة بكامل تفاصيلها: محمَّلٌ بالذكريات، باللحظات الحاسمة، والخيارات التي لا رجعة فيها. إنَّها تتحرَّك قدمًا بلا توقُّف، فكما أن القطار يمرُّ عبر محطات متتابعة، كذلك هي حياتنا التي لا تتوقَّف عند نقطةٍ معيَّنة، بل تتقدَّم دائمًا نحو المستقبل، وإن كنَّا لا نملك دائمًا السيطرة على مسارها ورفاهيَّة الخروج منها متى أردنا.

لكن عندما نقرِّر الخروج، يتغيَّر كلُّ شيء: يدخل أشخاصٌ جدد ويخرج آخرون. ربَّما يمثِّلُ دخولهم بدايةً جديدة، أو ربمَّا يشيرُ خروجهم إلى نقطة النهاية في حياتنا معهم. وهذا الأمرُ يعكس حقيقةَ أنَّ كلَّ علاقة، وكلَّ تجربةٍ وكلَّ لحظةٍ في الحياة، ما هي إلَّا محطَّةٌ جديدةٌ على خطِّ سكَّة القطار. بالتالي فإنَّ كلَّ محطَّةٍ هي نقطة تحوُّلٍ تحملُ معها قراراتٍ تؤثِّر على المسار، وفي هذه المحطات نلتقي أناسًا يُعيدون تشكيل ذواتِنا، أو نصطدم بواقعٍ جديدٍ يُغيِّر نظرتنا إلى الأشياء.. والقطار كما نعلم، لا يتوقَّف متى ما رغبنا، فهو محكومٌ بالحركة، تمامًا كالحياة، حتى في الأوقات التي نشعرُ فيها بالاستقرار أو الضعف. القطار لا ينتظر أحدًا، وعدم الصعود يعني التفريط في هذه الفرصة تحديدًا، وربَّما لا تكونُ هناك فرصةٌ تشبهها، فهو لن يعود لأجلك إلى نقطة البداية. وبالرغم من أنَّه قد تأتي قطاراتٌ لاحقة، لكنَّ وجهتها لن تكون ذاتها، وبالتالي لن تضمَّ أولئك الركاب، ولا تلك الوجوه التي كان يمكن أن تغيِّرَ كلَّ شيءٍ حتى تلك اللحظة.

إذا تأمَّلنا حضورَ القطار في الشعر الحديث وجدنا أنَّه لم يكن مجرَّد صورةٍ عابرة، بل أصبحَ رمزًا للفوات، للضياع والحزن، فقد حمله الشعراء على أكتاف المعنى ليعبِّروا من خلاله عن لحظات الفقد والندم، وكأنَّ القطار دائمًا يفوِّتُ شيئًا لا يُعوَّض. 

في قصيدةٍ للشاعر السوداني «محمد عبدالباري» نقرأ التالي:

«سنكتبُ بعضَ فواتِ القطارِ
وأوجع ما في القطار
الفواتْ».

وفي كلمات الأغنية الشهيرة «المسافر راح» للراحل «بدر بن عبدالمحسن» نقرأ التالي: 

«يا ضياع أصواتنا .. في المدى والريح
القطار وفاتنا... والمسافر راح...»

في أبرز كلمات الشعراء، لا يُذكر القطار إلا مقرونًا بالخسارة، وكأنَّ وظيفته الوحيدة أن يرحل ويأخذ معه الأشياء والوجوه دون عودة. ولكن لماذا نرى القطار دائمًا كرمزٍ للحزن؟ لماذا نحمِّله وحده مسؤوليَّة فوات اللحظات؟ أليسَت الحياة نفسها تفوِّت علينا ما هو أثمن؟ لماذا نعاتبُ القطار ولا نعاتب الحياة؟ إنَّهما متشابهان تمامًا! إذًا لماذا لا نمنحُ القطار مساحةً أخرى في خيالنا كفضاءٍ جديدٍ مليءٍ بالإمكانيَّات؟ ربما آنَ الأوان أن نتصالح مع فكرة الرحيل، لا كفقد، بل كبدايةٍ جديدةٍ للحياة، فكما أنَّ القطار يأخذ، فهو أيضًا يُهدي. وبينما نودّع وجوهًا في محطة، قد نلتقي بوجوهٍ تنير لنا الحياة في التالية.

مساحة صانع الأفلام

في نيويورك، أصبح القطار مسرحًا للجريمة والتشويق، حيثُ شكَّل مترو الأنفاق خلفيَّةً للكثير من أفلام الجريمة مثل «أخذ بيلهام واحد إثنان ثلاثة» (The Taking of Pelham One Two Three - 1974 & 2009)، بينما في سيول، مثَّل القطار واجهة المدينة العصرية في فيلم «قطار بوسان» (Train to Busan - 2016)، حيث تحوَّل من مجرَّد وسيلة نقلٍ إلى فضاءٍ للصراع والبقاء. ولكن هل يقتصر دوره على مجرَّد عنصرٍ بصريٍّ يخدمُ توجُّهات الإنتاج السينمائي؟ أم أنَّ هناك تأثيرًا أعمق يمكن ملاحظته في السينما، خصوصًا مع دخول مشروع "قطار الرياض" كأوَّل منظومةِ مواصلاتٍ عامَّة في المملكة العربية السعوديَّة، وفي قلب العاصمة؟ تُرى ما هي الآثار الناتجة عن ذلك المشروع التغذوي للثقافة؟ 

يخالطُ الفرد أصنافًا بشريَّةً متعدِّدةً ومختلفة، ويُجبر على الوقوف أمامها إلى حينِ يخرج أحدُ الطرفين إلى المحطَّة التالية. ويُمكن أن يُترَك للسيناريست مساحةٌ لتخيُّل مختلف الاحتمالات، وللمخرجِ مساحة لخلقِ السرديَّة المناسبة، ثم يُترَك لفنيِّي التصوير مساحة شاسعة لتخيُّل الزوايا والألوان، فماذا لو نسي الراكبُ شيئًا كذلك… هنا قد نحتاج إلى جزءٍ إضافيٍّ من القصة!

ينقسمُ القطار إلى مساراتٍ حسب الألوان: أزرق، بنفسجي، أصفر… وتتقاطع تلك المسارات وتلتقي لتسمح لك بالتبديل في محطَّةٍ محدَّدة، فتنتقل إلى المسار ذي اللون المغاير، كما في منظومات القطارات في مختلف النماذج السبّاقة. لكنَّ الأمر، في مدينةٍ يفوقُ عددُ سكَّانها العشرةَ ملايين، يبدو حديثًا نسبيًّا، ما يعني أننا أمام نبراتٍ شتَّى، ومساحةٍ ثقافيةٍ قد تتضمَّن مزاحًا وأمثالًا وحِكَمًا ترتبطُ بألوان المسارات وأسماء المحطّات: محطَّات سُمِّيت بأسماء صحابةِ رسولِ اللهِ ﷺ، فتُثير القصصَ الدينية، وأخرى بأسماء الأحياء، وغيرها بأسماءٍ تجاريةٍ، إمَّا لاقترابها من مقرِّ شركةٍ ما أو مبناها، أو لمجرَّد استثمار الشركة في مشروع القطار..

ما استرجعتُه هنا كان من خلال مسلسل «شباب البومب»، حيث اشتُهرت شخصيَّة عامر بأهزوجةٍ تربطُ بين الواقعِ الشعبيِّ والحياةِ اليوميّةِ بشكلٍ طريف، ممَّا قد يُضفي طابعًا خاصًّا على هذه المحطَّات في الذاكرةِ الجماعيَّة.

«من بعد ما افتتحوا العروبة، راحت على خريص الزحمات! شارع عريض وجنوبه، كأنَّه سباق الراليات...»

كان يشيرُ إلى تغيُّرٍ جذريٍّ حصل في مدينة الرياض: هذا ما جعله قريبًا للجمهور، ألا وهو ارتباطه بالثقافة المحليَّة ومشاركتهم نفس الفرحة العابرة والبسيطة على افتتاح شارع، وهذا أبسط مثال يمكن استحضاره لاستخدام الشعبيَّات الحوارية في السينما، لما تضيفه من لمسة تقاربٍ مع المشاهد. 

كما أنَّها تساهم في التعريف بمعالمِ المدينة الداخليَّة للمتلقين من خارجها: فاليوم على سبيل المثال، بات نصف محبِّي الأفلام تقريبًا يعرفون كافَّة ملامح أحياء نيويورك وتفاصيلها، منها تلك التي تتعلق بمنطقة "ذا برونكس" التي كانت محور العديد من الأفلام الشهيرة. لعلَّ أبرز مثالٍ على ذلك هو فيلم «حكاية برونكس» (A Bronx Tale - 1993). هذه الطريقة في المعالجة السينمائيَّة ساعدت على نقل الأحياء إلى جمهورٍ واسع، وجعلِ تلك الأماكن شخصيَّات في الفيلم وجزءًا من الذاكرة السينمائيَّة. كذلك هو الحال في مدينةٍ أوروبيَّةٍ مثل لندن، إذ استُخدِمت القطارات في أفلامٍ مثل «سكايفول» (Skyfall - 2012) ليعكس مشاهد الحركة والتجسُّس، أمَّا في طوكيو، فقد استُخدمت القطارات في أفلامٍ مثل «ضائعٌ في الترجمة» (Lost in Translation - 2003) لتعكس العزلة وسط زحام المدينة.

ثقافة التأمُّل

تستغرق الرحلات داخل الرياض وقتًا طويلًا، نظرًا لحجم المدينة التي ما تزالُ في حالة توسُّعٍ مستمر. وبما أنَّ القيادةَ عبرَ الطُّرُقات تُعدُّ مُزعجةً للبعض، إذ تتطلَّبُ تحريكَ المقودِ وتحمُّلَ مسؤوليَّة الطريق، فإنَّ القطارَ يُتيحُ تجربةً مختلفة، فإن لم تكن لديك وسيلةٌ للتسلية، كاستماعٍ إلى بودكاست أو مشاهدة عرضٍ ما، فلن تجد أمامك سوى التأمَّل.

كما يمتاز القطار بثباتِ مساره وانسيابيَّة حركته، ممَّا يخلق بيئةً هادئةً تفتقر إلى المشتِّتات المعتادة في القيادة، كالتوقُّف المتكرر غير المتزامن أو التفاعل المباشر مع الطريق. هذه العزلة النسبيَّة تمنح الراكب فرصةً للتأمُّل في المشاهد المتكرِّرة خلف النافذة، حيث تمتدُّ المدينة أمامه بمبانيها المتراصَّة وأضوائها المتوهِّجة، أو بصحرائها الممتدَّة في الأفق، فيغدو المشهدُ وكأنَّه شريطٌ سينمائيٌّ صامتٌ يثير في الذهن تساؤلاتٍ وتأمُّلاتٍ حول الزمن والحياة والتغيُّرات العمرانيَّة والاجتماعيَّة.

بالنسبة لصانع الأفلام، يصبحُ القطار مساحةً مثاليَّةً لتحفيز الإبداع، إذ يضعه في حالةٍ تأمُّليَّةٍ تساعدُه على ربط المشاهد اليوميَّة بسياقاتٍ أعمق، واستلهام قصصٍ جديدةٍ من التفاصيل العابرة. هذا الفراغ الذهني يفتحُ المجال لاتِّساع المدارك، حيث يتلاشى ضجيجُ المهام اليوميَّة، ويبدأ العقل في تشكيل صورٍ وأفكار سينمائيَّة قد لا تتولَّد في زحام الحياة العاديَّة.

الأثر الفني: مدارك بصريَّة جديدة

1-افتتاح مساحات جديدة:

يجعل القطار المدينة بأكملها تحت نظرِ صانع الأفلام، تناما مثل ذلك المشوار الذي تقطعه، بعد أن يُرشدك الملَّاح إلى طريقٍ أسرع، فترى نفسك وأنتَ تستكشف شوارع من المدينة لأول مرة. تخيَّل أنَّه بعد تواجد القطار في المدينة ستفقدُ ذلك الشعور تمامًا، لأنَّه سيسهِّل عليك الوصول إلى جميع زوايا المدينة عبر مساراته المتعدِّدة.

2-بناء مشاهد أكثر تعقيدًا:

في السينما العالميَّة، استُخدم القطار لخلقِ مشاعرَ أكثر تنوُّعًا: الإثارة، العزلة، الترقب، وحتى النوستالجيا. ومع تزايد إنتاج الأفلام السعوديَّة، قد يصبِحُ القطار أداةً بصريَّة قويَّةً تساهم في بناء مشاهد مركَّبة (Sequence) ذات بعدٍ سينمائيٍّ أكثر تعقيدًا.

3-تحدٍّ تصويريٍّ جديد:

إنَّ تجربة التصوير في المساحات المفتوحة تختلفُ عن التصوير في أماكن ديناميكيَّة كالمحطَّات وعربات القطار. الحركة الدائمة، التداخل بين الإضاءة الطبيعيَّة والاصطناعيَّة، والتفاعل بين الركَّاب، كلُّ ذلك يفرضُ تحدِّياتٍ وفرصًا جديدةً أمام صُنَّاع الأفلام.

إلى أين يتَّجه تأثير القطار؟

كما هو الحال مع كلِّ إضافةٍ حضاريَّةٍ جديدة، يلوح القطار في الأفق السعودي لا كوسيلة نقلٍ فحسب، بل كعلامةٍ على عبورٍ رمزيٍّ نحو مشهدٍ ثقافيٍّ وسينمائيٍّ متجدِّد. قد لا يكون الأمر مقتصرًا على مسارات سكك الحديد التي تصل بين المدن، بل على المسارات السرديَّة التي يمكن أن يولِّدها هذا الحضور التقنيُّ المتنامي. في لحظة ما، قد يصبح القطار مرآةً لتحوُّلاتٍ اجتماعيَّة، ومسرحًا للحكايات العابرة، وأفقًا بصريًّا جديدًا يحملُ في طيَّاته إمكاناتٍ دراميَّةٍ غنيَّة. 

لكنَّ السؤال الجوهري يبقى معلقًا: هل سيتحوَّل القطار إلى عنصرٍ أساسيٍّ في السرد السينمائي السعودي، أم أنَّه سيظلُّ مجرَّد ديكورٍ حضاري؟

الهوامش:

اشترك في النشرة البريدية

احصل على أحدث المقالات والأخبار مباشرة في بريدك الإلكتروني
تم إضافتك ضمن النشرة البريدية, شكرًا لك!
نعتذر حدث خطأ, الرجاء المحاولة مرةً أخرى