السينما البلجيكيَّة كمختبر للسينما الأوروبيَّة – فريديريك سويشِر

مقدِّمة

من الصعبِ تحديد «السينما الأوروبيَّة» بدقَّة. لا بدَّ في البداية من توضيح المجالات المعرفيَّة التي يُستعان بها لمحاولة تعريف «السينما الأوروبيَّة». هل نعتمدُ مقاربةً تاريخيَّة، اقتصاديَّة، قانونيَّة، مؤسسيَّة، سياسيَّة، ثقافيَّة، سوسيولوجيَّة أم فنيَّة؟ هل ينبغي بالضرورة، من أجل تعريف «ما يُشكِّل السينما الأوروبيَّة»، اعتمادُ مقاربةٍ متعدِّدة التخصصات ومتشعِّبة؟ إنَّ دراسة السينما الأوروبيَّة تطرح، من خلال تأثير المرآة (effet miroir)، سلسلةً من الأسئلة المنهجيَّة التي ليست دون أهميَّة بالنسبة للباحثين والأكاديميِّين. ما هي المعطيات الإحصائيَّة الموثوقة التي يمكن الاستناد إليها، والأهم من ذلك، كيف يمكنُ تفسيرها؟ هل يمكن تناول السينما الأوروبيَّة دون مقارنتها بالنموذج السينمائي الأمريكي؟ هل يمكن التفكير في السينما الأوروبيَّة دون اعتبار السينما الفرنسيَّة نموذجًا اقتصاديًّا وثقافيًا بديلًا لهوليوود؟ ولكن، أليس في منح هذه الأسبقيَّة للسينما الفرنسيَّة مخاطرة بتبنِّي موقفٍ ذي نزعةٍ إثنو-مركزيَّةٍ مفرطةٍ عندما نكون في فرنسا؟ هل ينبغي لنا (وهذا الجدلُ ليس مجرَّدًا لغويًا) الحديث عن «سينما أوروبيَّة واحدة» أم عن «سينمات أوروبيَّة متعدِّدة»؟

وإلى هذه الأسئلة المنهجيَّة يُضافُ إليها تساؤلٌ ذو طابعٍ بورديوني: « من أين نتحدَّث » لفهم رهانات السينما الأوروبيَّة؟ هل يمكن للباحث الأكاديميِّ أن يتجاهل البلد الذي ينتمي إليه والعلاقة التي تربطه كمشاهدٍ بالأفلام التي رآها طوال حياته؟ تزداد الوضعيَّة تعقيدًا عندما يتمُّ تناول السينما الأوروبيَّة من قبل أولئك الذين يموِّلونها أو يشاركون فيها من حيث الدعم السياسيِّ أو المؤسَّسي، مثل المنتجين، المبدعين أو الموزِّعين. كيف يمكنُ تجنُّب الوقوع في مطب الشركاتيَّة والأيديولوجيَّة؟ كيف لا نكرِّر التحليلات التي يقدِّمها – من بين جهاتٍ أخرى – برنامج MEDIA التابع للمفوضيَّة الأوروبيَّة، والمركز الوطني للسينما (CNC)، والمرصد الأوروبي للقطاع السمعي البصري... مع الحفاظ على القدرة على التفكير في زوايا نظرٍ أخرى ومقارباتٍ بديلة؟ هل يمكن، انطلاقًا من نفس المعطيات الإحصائيَّة، التوصُّل إلى تفسيراتٍ مختلفةٍ بل ومتناقضةٍ أحيانًا؟

إن إشكاليَّة هذا المقال نفسها – ما هي رهانات السينمات الأوروبيَّة، ولأيِّ سينما؟ – من خلال طرحِ السينما البلجيكيَّة كـ«مختبر»، ليست محايدة، وليست بمعزلٍ عن مساري الشخصي. ومع ذلك لا ينبغي النظر إلى الجزء الأوَّل من المقال على أنَّه سيرةٌ ذاتيَّةٌ مقنَّعة، بل كضرورةٍ للموضوعيَّة والتحليل المجرَّد. ذلك لأنَّه لا يمكن بلوغُ درجةٍ من الصرامة العلميَّة في مجال العلوم الإنسانيَّة إلا من خلال الاعتراف بجانبٍ الذاتيَّة في النظرة والتحليل.

1مخطط التحليل الذاتي

كنت طالبًا في «المعهد الوطني العالي لفنون العرض» (INSAS2)، وكان أستاذي هو المخرج أندريه ديلفو، وقد تركت دروسه وأفلامه أثرًا كبيرًا في نفسي. بدأ أندريه ديلفو، منذ فيلمه الطويل الثاني «أمسيةٌ وقطار» (Une soir, un train - 1968)، في إجراءِ تعاونٍ إنتاجيٍّ مع فرنسا، بالعودة إلى سجلِّ أعماله نجدُ أنَّ معظم أفلامه الطويلة هي من إنتاجٍ أوروبيٍّ مشترك، وعلى وجه الخصوص فيلمي «مرحبًا» (Benvenuta - 1983) و «العمل الأسود» (L’Œuvre au noir - 1988) اللذين كانا إنتاجًا مشتركًا بين بلجيكا وفرنسا وإيطاليا. إلَّا أنَّ هذين الفيلمين أيضًا يطرحان تساؤلاتٍ صريحةٍ حول الثقافة الأوروبيَّة: يروي «مرحبًا» (المقتبس عن رواية «الاعتراف المجهول» للكاتبة سوزان ليلار) قصَّة حبٍّ بين عازفة بيانو من خنت وقاضٍ من نابولي، وما وراء هذه القصَّة الرومانسيَّة هو الصراع بين شمال وجنوب أوروبا، بيد أنَّ الأهم من ذلك هو تناولُ مفهوم الحب المغروس ثقافيًا في وعيينا. أما «العمل الأسود»، المقتبس عن الرواية التي تحمل العنوان نفسه للكاتبة مارغريت يورسنار، فيدورُ في مدينة بروج في القرن السادس عشر ويُركِّز على شخصية زينون، المثقف الذي يتحرَّر من تحيزات زمانه. إنَّ الصراع ضدَّ التطرُّف الديني ومن أجل اكتساب العقل النقدي كعملٍ مؤسِّسٍ لـ "الإنسان الأوروبي" هو ما صرَّح به أندريه ديلفو كموضوعٍ رئيسيٍّ لفيلمه في مقابلة مرفقة مع الملف الصحفي لفيلم «العمل الأسود» الذي تم عرضه ضمن المسابقة الرسميَّة في مهرجان كان السينمائي.

كان جان-كلود باتز، المنتجُ لأفلام أندريه ديلفو والمؤسس المشارك لـ INSAS، من بين الأوائل الذين طرحوا تساؤلاتٍ حول ضرورة تطوير سينما أوروبيَّة للسماح لصنَّاع الأفلام بالحصول على تمويلاتٍ وعروضٍ أكبر لأفلامهم: في عام 1963، نظَّمَ في بروكسل ندوةً دوليَّةً حول هذا الموضوع، واستمرَّ في التدخُّل كأستاذ، وكذلك كمتحدِّثٍ في مختلف الهيئات، للدفاع عن وجهة نظره التي يمكنُ اعتبارها نهجًا مناهضًا. تقومُ فكرته على أنَّ بناء سينما أوروبيَّة هو "رهانٌ حضاري" لمواجهة الهيمنة الثقافيَّة الأمريكيَّة، فمع تكرار مشاهدة الأفلام، وكذلك المسلسلات الأمريكيَّة، قد يستوعب المشاهد دون أن يدرك رموزًا ثقافيَّةً لا تنتمي في الأصل إلى ثقافته. ومن وراء الثقافة سيتشكَّل صراعٌ سياسيٌّ واقتصاديٌّ يتجاوز المجال السينمائي والمجال السمعي البصري3 بكثير.

بدأت كأكاديميٍّ أولى أعمالي البحثية في مجال السينما الأوروبيَّة، وبالتالي قمت، بالإضافة إلى أطروحتي للدكتوراه حول السينما البلجيكيَّة، بتنسيق كتابٍ جماعيٍّ بعنوان «السينما الأوروبيَّة والهويات الثقافية» (Cinéma européen et identités culturelles)4. جمع هذا الكتاب مساهماتٍ من أكاديميين (مثل لوران كريتون، آني غولدمان، جان أ. جيلي، كريستيان فيفياني...)، ومن مخرجين (مثل ثيو أنجيلوبولوس، برناردو برتولوكي، برتران تافرنييه، أندريه فايدا، فيم فيندرز... أندريه ديلفو)، ومن مسؤولين في المؤسسات التي تموِّل أو تشرِف على الترويج وتوزيع السينما الأوروبيَّة (من خلال إجراء مقابلاتٍ مع مسؤولين من برنامج «إجراءات لتشجيع تطوير صناعة الإعلام السمعي والبصري» (Media) و«المركز الوطني للسينما» (CNC) في فرنسا، وكذلك مع «معهد الفيلم البريطاني» (BFI) في لندن)... 5بالإضافة إلى مقالين لجان-كلود باتز.

أمَّا كصانع أفلام، 6أمَّا كصانع أفلام، ففي وقتٍ مبكرٍ من حياتي المهنية وجدتُ نفسي أمام مسألة التعاونات الإنتاجيَّة الأوروبيَّة لأتمكن من تنفيذ أفلامي الخاصة. من المهم عدم الخلط بين ما هو مرتبطٌ بتجربتي الشخصيَّة على أرض الواقع وبين التحليل العلمي. إنَّ التحدي الذي ما زلت أواجهه دائمًا هو الاستفادة مما أراه "من الداخل" في عملية الإنتاج والإخراج وتوزيع الأفلام، مع السعي للحفاظ على دقَّةٍ أكاديميَّة. وهذه المسألة تطرح سؤال "المسافة الصحيحة".

السينما البلجيكيَّة كمختبرٍ للسينما الأوروبيَّة

ثمَّة سببان لافتراضي القائل إنَّ السينما البلجيكيَّة يمكن أن تكون "مختبرًا أوروبيًا": الأوَّل هو وجود مجتمعين لغوَّيين مهمَّين في البلد نفسه، والثاني هو الحاجة إلى الانفتاح على التعاونات الإنتاجيَّة من أجل العثور على تمويلاتٍ وعروضٍ أوسع من تلك التي توفِّرها الحدود الوطنيَّة فقط.

منذ منتصف الستينيات ونهايتها، ومنذ إنشاء التمويلات العامة لإنتاج الأفلام الطويلة، تزايدت التعاونات الإنتاجيَّة مع هولندا (لإنتاج الأفلام الفلمنكيَّة) ومع فرنسا (لإنتاج الأفلام الفرنسيَّة). لهذه التعاونات الإنتاجيَّة ثلاثة تأثيرات: على الصعيد المالي (فهي تسمح بتوفير مزيدٍ من الوسائل لتنفيذ الأفلام)، وعلى صعيد التوزيع (حيث من المفترض أن توزَّع الأفلام المشتركة في صالات السينما في البلدين المنتِجَين على الأقل) وعلى الصعيد الفني (حيث يجب أن يتكوَّن طاقم العمل والممثلون من مواهب من كلا البلدين).في كتابي «المعرض البطولي للسينما البلجيكيَّة» (La Kermesse héroïque du cinéma belge7)، حاولتُ تحديد الروابط بين الظروف الاقتصاديَّة لإنتاج الأفلام (و"نقاط التمويل" التي يمكن للمشاريع السينمائيَّة الوصول إليها) والجماليَّة. تتطوَّر السينما البلجيكيَّة بطريقةٍ ثنائيَّة الرأس مع "سينمايين" تختلفان من حيث الموضوعات والفن، حيث إنَّ التمويلات العامة أصبحت "مُجتمعيَّة". قبل ظهور التقدُّمات على الإيرادات الفلمنكيَّة والفرانكوفونيَّة، لم تكن التفرقة الثقافيَّة بين "السينمايين" واضحةً بهذا القدر.

ابتداءً من أواخر الستينيَّات، بدأت السينمات البلجيكيَّة8 تتباعدُ بشكلٍ كبير. تمكَّن العديد من المخرجين الفلمنكيِّين من إنتاج أفلامٍ حقَّقت نجاحًا في دور العرض في فلاندرز، لكنَّ هذه الأفلام كانت غالبًا ما تُنتَقد من قبل النقَّاد ولم تحظَ بأيِّ اعترافٍ في المهرجانات الدوليَّة الكبرى. كانت هذه الأفلام تتَّسم بالكوميديا، و"أفلام هايمات" (Heimatfilm) التي تبرز شكلًا من الإقليميَّة، أو كانت مقتبسةً من أعمال "كتَّاب فلمنكيِّين كبار" تروِّجُ لتاريخ فلاندرز.

يُدرَج معظم المخرجين الفرانكوفونيِّين ضمن نهج "سياسة المؤلِّفين"، ويطوِّرون من خلال أفلامهم هواجس شكليَّة وموضوعيَّة تؤكِّد "عوالمهم الفريدة". في السبعينيَّات، كانت شانتال آكرمان، جان-جاك أندريان، بوريس ليمان، وتييري زينو من بين هؤلاء المخرجين الذين حازوا على اهتمامٍ نقديٍّ ومهرجانيٍّ في بلجيكا، وأيضًا في دولٍ أخرى، رغم أنَّهم لم يتمكَّنوا من جذبِ جمهورٍ واسعٍ في دور العرض. كانت أفلامهم توزَّعُ بشكلٍ سريٍّ في بلجيكا. يمكنُ أن تؤدِّي سياسةً ثقافيَّة، مع تمويلِ الأفلام من قبل الحكومة، إلى أنواعٍ مختلفةٍ تمامًا من السينما. إنَّ حماسة الجمهور الفلمنكي للذهاب لمشاهدةِ الأفلام 9الفلمنكيَّة في دور العرض تعود جزئيًا إلى اللغة. أمَّا الجمهور الفرانكوفوني البلجيكي فيتمتَّع بقدرة الوصول إلى الإنتاج الفرنسي، وبالتالي لا يشعر بـ "الحاجة" لمشاهدة الأفلام البلجيكيَّة الناطقة بالفرنسيَّة. 10يشاهدُ الجمهور الفلمنكي عددًا قليلًا جدًا من الأفلام البلجيكيَّة الناطقة بالفرنسيَّة، في حين لا يشاهد الجمهور الفالوني تقريبًا أيَّ فيلمٍ فلمنكيٍّ في دور العرض.

بناءً على ما سبق، يمكن استخلاص عدَّة تأمُّلات:

  • تحتاج "السينما الصغيرة" إلى دعمٍ عامٍّ لتمكينها من إنتاج الأفلام الطويلة، وذلك بسبب اقتصاديَّات الحجم. إحدى خصائص السينما هي أنَّ الإنتاجات موجَّهة أولًا إلى جمهورٍ محلي (أو إقليمي كما في حالة بلجيكا). وخدها هوليوود قادرةٌ على إنتاج "سينما عالميَّة11": إنتاجٌ كبيرٌ ومنتظمٌ من الأفلام توزَّعُ دوليًا. من دون الدعم العام، لم تكن بعض السينمات لتوجد ببساطة. قبل إنشاء الدفعات المقدَّمة 12على الإيرادات في بلجيكا، كانت إنتاجات الأفلام الطويلة محدودةً للغاية.
  • يمكنُ للدعم العام أن يدعم سينما تجاريَّة كما يمكنه أيضًا أن يسمح بتطويرِ سينما المؤلف. وفي الواقع، يطرحُ السؤال حول السياسة التحريريَّة التي يوجِّهها القطاع العام. "أي سينما، ولأيِّ جمهور، وبأيِّ وسائل؟": هذا السؤال يثيرُ مفهوم السياسة الثقافيَّة.
  • إن حقيقة أنَّ الأفلام البلجيكيَّة الناطقة بالفرنسيَّة تنتشرُ بشكلٍ ضعيفٍ في فلاندرز، وأنَّ الأفلام الفلمنكيَّة تنتشرُ بشكلٍ ضعيفٍ في الجزء الفرانكوفوني من البلاد، تؤدِّي إلى استنتاجٍ مثير للتفكير على المستوى الأوروبي. لماذا يتوجَّه المشاهدون في مختلف الدول الأوروبيَّة تلقائيًا لمشاهدة الأفلام الأمريكيَّة والأفلام الوطنيَّة (أو الإقليمية)، ولكن نادرًا ما يشاهِدون أفلامًا من سينماتٍ أخرى؟ إذا كانت الأعمال في بلدٍ صغيرٍ مثل بلجيكا تنتشرُ بصعوبة، فكيف نأملُ أن يكون هناك توزيعٌ أفضلُ للأفلام الأوروبيَّة في أوروبا؟

إذا كانت هناك اختلافاتٌ بين السينما الفرانكوفونيَّة والفلمنكيَّة في بلجيكا، فإنَّ المخرجين والمنتجين والسياسيِّين من كلا المجتمعَين يتَّفقون على نقطةٍ واحدة: من الضروري لسينما "صغيرة" أن ترتبطَ بمجموعةٍ أكبرَ للعثور على نظامٍ بيئيٍّ إيجابي. هذا هو السبب في أنَّ المحترفين في مجال السينما في فلاندرز وفي الجزء الفرانكوفوني من بلجيكا كانوا حريصين جدًا على تطوير سياسةٍ أوروبيَّةٍ للسينما... وقد شاركوا أحيانًا بشكلٍ نشطٍ في ذلك.

البدايات الواعدة للبرامج السمعيَّة والبصريَّة الأوروبيَّة

تم إنشاء برنامج MEDIA التابع للاتحاد الأوروبي في نهاية الثمانينيَّات. يهدف هذا البرنامج إلى تعزيز توزيع الأفلام الأوروبيَّة في أوروبا، ودعم التطوير المالي للسيناريوهات وتنظيم خططٍ تدريبيَّة، ممَّا يسمح لمنتجي الأفلام من مختلف دول أوروبا باللقاء والتعرُّف على أساليب التمويل المتاحة في كلِّ دولةٍ من دول الاتحاد. ستتمُّ إدارة الجزء الخاص بالتدريب من برنامج MEDIA (الذي يحمل اسم EAVE، أي «رواد الأعمال السمعية والبصرية الأوروبيون» (European Audiovisual Entrepreneurs)) في البداية بواسطة ريمون رافار، الذي كان في السابق مديرًا لـ INSAS. ومن الجدير بالذكر أنَّ العديد من المحترفين في المجال السمعي البصري البلجيكيَّين يعملون في مناصب مختلفة داخل برنامج MEDIA الذي يقع مكتبه في بروكسل، وأخص بالذكر جان جونيو، وهو خريج ، الذي سيكون أحد المصمّمين والمنشطين للبرنامج13 إلى جانب هنري روان وهولد لويست، وسيتولى هو التصميم العام للبرنامج. يُعزى هذا التواجد الكبير للبلجيكيين والفرانكوفونيين في برنامج MEDIA، في بداياته14، إلى الهيمنة الثقافيَّة للسينما الفرنسيَّة في أوروبا (حيث تعدُّ فرنسا الدولةَ الأكثر مشاركة في الإنتاجات السينمائيَّة الأوروبيَّة).

يبدو أنَّ برنامج MEDIA، 15وهو مبادرةٌ من المفوضيَّة الأوروبيَّة، كان محدودًا منذ بدايته: إنَّه لا يستطيع تقديم الدعمِ سوى لما هو قبل وما بعد إنتاج الأفلام، وليس الإنتاجات نفسها.

ثمَّة برنامجٌ آخر هو «يوريماج» (EURIMAGES) تأسَّس في عام 1988 داخل مجلس أوروبا (الذي لا يجمع دول الاتحاد الأوروبي فحسب، إنَّما يضمُّ كذلك دول أوروبا الوسطى والشرقية – في فترة ما قبل سقوط جدار برلين – وكذلك دولٌ لا ترغب في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مثل سويسرا أو التي تم استبعادها مثل تركيا). يهدفُ البرنامج إلى تكملة التدابير التي نفَّذها MEDIA لـ "تنظيم" الإنتاج كي يكون 16بمثابة صندوقٍ حقيقيٍّ لدعم التعاونات الإنتاجيَّة الأوروبيَّة.

في البداية، يبدو أن البرامج السمعيَّة البصريَّة الأوروبيَّة تُظهر جدواها: إنَّها تتيح للأفلام أن تُنتَج وتحصُل على توزيعٍ أفضل ممَّا كانت ستتمتَّع به لولا وجود هذه البرامج.

سرعان ما أصبح فيلم «توتو البطل» (Toto le héros - 1991)، الذي أخرجه جاكو فان دورميل (المخرج البلجيكي الذي كان أندريه ديلفو أستاذه في INSAS)، بمثابة علمٍ لهذه السياسة السينمائيَّة الأوروبيَّة الجديدة بعد تأسيس برامج MEDIA و EURIMAGES، وذلك لعدَّة أسباب: استفادة الفيلم من معظم المساعدات الممكنة من برنامج MEDIA وحصوله على تمويل من برنامج EURIMAGES. حصل جاكو فان دورميل على جائزة الكاميرا الذهبيَّة لفيلمه الذي اختيرَ في أسبوعي السينمائيِّين (Quinzaine des cinéastes). بعد مهرجان كان، وُزِّع الفيلم في جميع أنحاء أوروبا تقريبًا. كانت تقييمات النقَّاد إيجابيَّةً تقريبًا في جميع الأماكن التي عُرض فيها الفيلم.

يستعرض عمل جاكو فان دورميل ثلاث مراحل من حياة توماس فان هاسبرويك (توتو)، حيث يدمج بين الفلاش باك والوقت الحاضر للسرد، الواقعي والخيالي: حيث يعتقدُ توتو أنَّ جاره ألفريد كانت قد سرقَ حياته، وأنَّه عندما كانا رضيعين حدث تبادلٌ غير مقصودٍ للمقاعد في المستشفى. يصبح «توتو البطل» حكايةً عن القدر وما الذي يجعل المرء ينجحُ أو يفشل في حياته. يعطي السرد والإخراج

17والمونتاج الفيلمَ شكلًا فريدًا، مما يجعل أدولف نيسينهولك، أستاذ السينما في الجامعة الحرَّة ببروكسل، يصفه بأنَّه «المواطن كين» الأوروبي. هل يمكن وضع التساؤل الوجودي لتوتو (هل أنا شخصٌ آخر؟) في مرآةٍ مع السؤال المتعلِّق بالهويَّة البلجيكيَّة... وكذلك مع السؤال المتعلِّق بالهوية الأوروبيَّة (كيف نُعرِّف أنفسنا)؟

إذا كان الفيلم الطويل الأول لجاكو فان دورميل قد حقَّق صدى غير مسبوقٍ لفيلمٍ بلجيكي في الغالب، إلا أنَّه لا يمكن الحديث عن نجاحٍ تجاريٍّ كبير. يشرح المنتج التنفيذي داني غايس أنَّه الفيلم، في كلِّ بلدٍ 18وزِّعَ فيه، حقَّق عددًا كبيرًا من المشاهدين، ولكن دون أن يخرجَ أبدًا عن شبكة "الفن والتجربة" ودون أن ينافس الأفلام التي تتصدَّر شبَّاك التذاكر.

بعد جاكو فان دورميل اختير مخرجين بلجيكيِّين آخرين، بدءًا من الأخوين داردِن، في مختلف أقسام مهرجان كان وفي المسابقة الرسميَّة. كان ذاك العصر هو العصر الذهبي للسينما البلجيكيَّة الفرانكوفونيَّة، وكان الانطباع السائد أنَّ "السينما الصغيرة" يمكن أن تتألَّق وتتجاوز حدودَها الوطنيَّة.

في التسعينيَّات وأوائل الألفيَّة الجديدة، كانت التكريمات في مهرجان كان والاعترافات النقديَّة لأفلامٍ بلجيكيَّة تتعلق في الغالب بالسينما الفرانكوفونية: كان عددُ الأفلام الفلمنكيَّة التي حصلت على اعترافٍ وانتشارٍ دوليٍّ ضئيلًا جدًا. هل يعدُّ ذلك استمرارًا منطقيًّا للسياسات التحريريَّة التي تمارسها لجان الأفلام؟ هل لأنَّ لجنة الدفعات المقدَّمة على الإيرادات الفرانكوفونيَّة تفضِّل أفلام المؤلِّف بينما تفضِّل لجنة الدفعات المقدَّمة على الإيرادات الفلمنكية المقاربات التجارية؟ بمعنى آخر: هل يمكن أن تتمتَّع أفلام المؤلف بتوزيعٍ عابرٍ للحدود (حتى وإن كان "جمهورًا نخبويًا") واعترافًا في المهرجانات الدوليَّة، بينما تواجه الأفلام التي تستهدف "الجمهور العام" على المستوى الإقليمي صعوبةً أكبر في التصدير والاختيار في المهرجانات الكبرى مثل كان وبرلين وفينيسيا وتورونتو ولوكارنو؟ ما يدعم هذا

الطرح هو أنَّه، بمجرد أن غيَّر صندوق الدعم العام للسينما الفلمنكيَّة طرق اختياره19 وأعلن مديره الجديد بيير دروو، في منتصف العقد الأول من الألفيَّة، عن ضرورة دعم الأفلام الفلمنكيَّة التجارية إلى جانب أفلامِ المؤلِّف الفلمنكية... بدأ اختيار الأفلام الفلمنكيَّة في المهرجانات الكبرى، بدءًا من «التعساء» (La merditude des choses - 2009)، الذي أخرجه فيليكس فان غرونينغن، والذي اختير في أسبوعي السينمائيِّين في مهرجان كان.

السينما البلجيكيَّة منذ عام 2000 فصاعدًا: بين التصنيع والانحدار

في بداية القرن الواحد والعشرين، ما يزال تطوُّر السينما البلجيكيَّة مثيرًا للتحليل باعتبارها "مختبرًا" للسينما الأوروبيَّة.

لقد سمحت البرامج الأوروبيَّة والاعترافات في المهرجانات (لا سيما مهرجان كان) للسينما البلجيكيَّة (الفرانكوفونيَّة أولًا ثمَّ الفلمنكيَّة) بالخروج من مأزقها. ولكن من أجل النمو، اختارت السينما البلجيكيَّة زيادة عدد صناديق الدعم ذات الأهداف الاقتصاديَّة بدلًا من تعزيز الدعم الانتقائي الثقافي والفني.

أنشئ «صندوق فاليماج» (Wallimage) في عام 2001 كصندوقٍ إقليميٍّ من منطقة فالونيا يهدف إلى هيكلة صناعة السينما في المنطقة ودعم الأفلام التي تُنتَج في فالونيا أو التي تُجرى فيها أعمالُ ما بعد الإنتاج. يعمل هذا الصندوق بشكلٍ مشابه لبعض الصناديق الإقليميَّة في ألمانيا. وقد أديرَ منذ إنشائه وحتى اليوم بواسطة فيليب رينار20. سيتكامل هذا الصندوق مع صندوق بروكسليماج (Bruxellimage) 21الذي أُنشئ عام 2009 كصندوقٍ إقليميٍّ في بروكسل.

أُنشِئت هذه الصناديق الإقليميَّة جزئيًا بسبب الواقع المؤسسي البلجيكي. من جهة الفرانكوفونيَّة تُعد الثقافة والتعليم من الاختصاصات التي تعود إلى كيانٍ يسمَّى اتحاد فالونيا-بروكسل، بينما تتمتَّع المناطق بسلطةٍ في المجالات الاقتصاديَّة. ومع معاناة الاتحاد من نقصٍ مزمن في الميزانية، كان إنشاء صناديق دعمٍ إقليميَّةٍ للسينما وسيلةً لزيادة المصادر الممكنة للتمويل.

بالإضافة إلى ذلك أنشأت بلجيكا منذ عام 2003 نظامًا لتمويل الأفلام يسمَّى «الملجأ الضريبي» (tax shelter)، وهذا النظام يسمح للشركات بتخفيف الضرائب على جزءٍ من إيراداتها إذا استثمرت في السينما. هذه المنحة المالية الجديدة هي على المستوى الوطني22. لكي يتمكن الجميع من الاستفادة من الملجأ الضريبي، لا بدَّ من إنفاق مبلغٍ يتجاوز المبلغ الذي يُمنح على شكل تخفيفٍ ضريبي. تشمل النفقات المؤهلة الرواتب للمنتجين والممثلين والفنيين، تكاليف الإدارة، تأجير الديكورات أو المعدات، نفقات ما بعد الإنتاج... الشرط هو أن تتم هذه النفقات في بلجيكا. في المقابل، لا يمكن أن يكون هناك تمييز بسبب جنسية الأشخاص المشاركين في الفيلم، إذ يُرحَّب بالإنتاجات التي تبدأ خارج بلجيكا طالما أنَّها تنفق جزءًا من ميزانيتها على الأراضي البلجيكيَّة. ولا يجوز أن تكون هناك أي تفضيلاتٍ خاصَّةٍ لصالح المخرجين البلجيكيين أو الإنتاجات "البلجيكيَّة بشكل أساسي". وتستند هذه القواعد إلى الإطار الأوروبي الذي يفرض أن تكون صناديق التمويل مفتوحةً لجميع أعضاء الاتحاد دون وجود أيِّ بنود حماية.

لقد جذبَ هذا النظام العديد من الإنتاجات الأجنبية، فقد جاءت العديد من الإنتاجات الفرنسية إلى بلجيكا بشكلٍ خاصٍّ للاستفادة من الملجأ الضريبي البلجيكي. ولم تتأخر الردود من الجانب الفرنسي: دفاعًا عن الصناعة التقنيَّة الفرنسيَّة، قام البرلمان الفرنسي عام 2004 بتمرير قانونٍ يُسمَّى «الائتمان الضريبي» (crédit d’impôt)، الذي يمنح المنتجين الفرنسيين نوعًا من التخفيف الضريبي شريطةَ أن تُنفقَ الأموال على أفلامهم... في فرنسا.

تأثرَّت التحالفات بين السينما البلجيكيَّة الفرانكوفونية والسينما الفرنسيَّة، التي كانت قائمةً على العديد من التعاونات الإنتاجيَّة منذ السبعينيات، بهذه "الحرب" بين صناديق التمويل. في الواقع، أصبح من الصعب للغاية على الفيلم البلجيكي العثور على تعاونٍ إنتاجيٍّ وتوزيعٍ مناسبٍ في فرنسا. وهذا الأمر ينطبقُ بشكلٍ خاصٍّ على معظم المخرجين23... باستثناء عددٍ قليلٍ من المخرجين البلجيكيِّين المعروفين بالفعل مثل لوكا بِلفو، الأخوين داردن، جواكيم لافوس، بولي لانيرس، جاكو فان دورميل...

خلال العقد الثاني من القرن الحالي، كان هناك قرابة الـ 200 مليون مشاهد سنويًّا في دور العرض في فرنسا مقابل 20 مليونًا في بلجيكا (حوالي 9 ملايين مشاهد فرانكوفوني و 11 مليون مشاهد فلمنكي). إنَّ الانفصال عن السوق الفرنسي، حتى ولو جزئيًا، يعد بالنسبة للإنتاج البلجيكي الفرانكوفوني نوعًا من التراجع: إنَّه يعني اختيار تطويرٍ محليٍّ على حساب النطاق الأوروبي والفرنكوفوني.

24لا يمكن الوصول إلى الملجأ الضريبي إلا إذا عُثِرَ بالفعل على جزءٍ كبيرٍ من التمويل. وبالتالي فإنَّ الإنتاجات التي تستفيد من هذا النظام تكون عادةً مموَّلةً بشكلٍ رئيسي. وبدلًا من أن يكون الملجأ الضريبي أداةً تمكِّن من البدء بإنتاج الأفلام، فإنَّه يعمل كحافزٍ للإنتاجات التي مُوِّلَت إلى حدٍّ كبير بالفعل. وهذا ينطبق بشكلٍ خاص على الأفلام الأجنبيَّة التي تنقل مواقع تصويرها إلى بلجيكا للاستفادة من هذا التمويل.

بالإضافة إلى ذلك، لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ النفقات المتعلِّقة بحقوق المؤلف على فيلمٍ لا تُعتبر مشمولةً ضمن نفقات الملجأ الضريبي البلجيكي. إذًا ما الذي يمكنُ قوله عن نظامٍ لا يأخذ في اعتباره المؤلِّفين في الفيلم (الكتَّاب والمخرجين)؟

وعلى الرغم من أنَّ الصناديق الإقليميَّة والملاذ الضريبي يؤسِّسان "منطقًا اقتصاديًّا"، فإنَّ طريقة اختيار الأفلام المدعومةِ ليست متطابقة. يمتلكُ كلٌّ من «صندوق فاليماج» و «شاشة بروكسل» (Screen.Brussels) لجانًا تقوم بقراءة السيناريوهات وتقييم مصلحة الفيلم بشكلٍ عام من حيث العوائد الإقليمية. أما الملجأ الضريبي فيُمنح تلقائيًا، بغضِّ النظر عن المشروع، إذا استوفيَت الشروط اللازمة 25للوصول إليه. وتُعتبرُ المبالغ التي تُجمعُ بموجب الملجأ الضريبي مساهماتٍ خاصَّة، وهو أمر مهمٌّ لكي تُعتمدَ الميزانية على المستوى الأوروبي.

يدَّعي مؤيِّدو الملجأ الضريبي أنَّه يساهم في تطوير صناعة السينما في بلجيكا، فالإنتاج الذي كان في السابق يعتبر "حرفيًا" أصبح الآن أكثر احترافيَّة. ولكن أليست قوَّة السينما البلجيكيَّة في الماضي مرتبطةً بجانبها الحرفي؟

مرة أخرى يُطرَح السؤال حول الأهداف المرجوة: هل الهدف هو تعزيز فرصِ العمل؟ أم دعمُ المبادرات الفنيَّة؟

إذا كانت السينما البلجيكيَّة قد شهدت عصرها الذهبي في نهاية القرن العشرين، فإنَّ هناك نوعًا من التراجع على مستوى الاعترافات الدوليَّة في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، خصوصًا من حيث الاعترافات في المهرجانات. لم يعد هناك، كما كان الحال لمدة 15 عامًا، مخرجون جدد يفرضون أنفسهم فنيًا كل عام. إذًا من المنطقي التساؤل عمَّا إذا كان هناك رابطٌ بين نهاية صعود "السينما الصغيرة" وأنواع التمويل الجديدة التي تمَّ إقرارها. قد لا يكون ذلك خاليًا من التناقض، ولكن يمكن تفسيره من خلال عبث "المنطق الاقتصادي" الذي يتطوَّر في سوقٍ صغيرٍ للغاية ليكون مربحًا.

تحدِّدُ طبيعةُ التمويلات والشروطُ للحصول عليها نوعيَّةَ الأفلام: من جهةٍ تواصل "المساعدات الثقافيَّة" (مثل لجان التقدُّمات على الإيرادات) الدفع بالسينما الفرانكوفونيَّة والفلمنكيَّة نحو نفس الاتجاه الذي تمَّ تحليله مسبقًا؛ من جانب آخر تحمل "المساعدات الاقتصاديَّة" دفعةً مختلفة،

فزيادة التمويل لا تعني بالضرورة زيادةً في التألُّق الفنيِّ والثقافي. وإذا كان "المختبر البلجيكي" يمكن أن يمتد إلى أوروبا بأكملها، فإنَّه من المفيد طرح السؤال: هل يعكس الفشل (النسبي) للسينما الأوروبيَّة الفشل (النسبي) للبناء الأوروبي26؟

المستقبل

أصبح من أكثر صعوبة فهم تحدِّيات السينما الأوروبيَّة اليوم مقارنةً بالماضي، وذلك نتيجةً لتطوُّر السينما نفسها والمكانة المتزايدة التي تحتلها المسلسلات التلفزيونيَّة من حيث الابتكارات الفنية. كما أنَّ الدور المتزايد للمنصات الرقمية مثل Netflix، والممارسات الجديدة لاستهلاك الأفلام، يعقِّد من هذه المسألة.

ربَّما يجب نقل النقاش، تحريك الخطوط وتوجيه المزيد من التساؤلات، حول ما يشكِّلُ جزءًا من الصناعة والحرفيَّة، والسوق وجماعات المشاهدين، والدفع الفني واللقاء بين الإبداع والمجتمع في لحظةٍ معيَّنة.

السينما الإقليميَّة، السينما الوطنيَّة، السينما الأوروبيَّة، السينما الأمريكيَّة، السينما العالميَّة: "جميع" السينمات اليوم، أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، تمرُّ عبر الأسئلة التالية:

  • ما التمويل المُخصَّص لأيِّ فئةٍ من الجمهور؟
  • ما الأفلام التي ينبغي عرضها في دور العرض، وأيُّها ينبغي عرضها بطرقٍ أخرى؟
  • ما هي "الإنتاجات المستقلَّة" التي ينبغي استخدامها لأيِّ أشكالٍ إبداعيَّة؟

تمثِّلُ السينما كفنٍّ شعبيٍّ قضيَّةً ديمقراطيَّة. ولكن عندما نقول ديمقراطيَّة نعني التنوُّع وحقوق التعبير للأقليَّات. إنَّ التفكير في السينما فقط من حيث "السوق" هو تفكيرٌ أيديولوجي، وعدم النظر إلى "الواقع الاقتصادي" هو أيضًا تفكيرٌ أيديولوجيٌّ بنفس القدر.

إذا كان من الممكن – وينبغي ذلك - التساؤل عن حياد الأشخاص المشاركين في السينما الأوروبيَّة والذين يقومون بتحليل ممارساتهم بأنفسهم، فإنَّ قدرة الخبراء والأكاديميين الذين لا يعيشون التوترات بين التحديات الاقتصادية والفنية "من داخلها"... يمكنها أيضًا أن تكون موضوعًا للنقاش، وذلك لأنه يجب التمييز بين ما ينتمي إلى الخطابات الرسميَّة (أو النقابيَّة)، وتحليل البيانات والمواقف السياسيَّة. فحسب ما إذا كنَّا ندافع أم لا عن فوائد التنظيمات، الحصص والدعم العام، وحسب ما إذا كنا نرى الأفلام كمنتجاتٍ ترفيهيَّةٍ و/أو كتعابير فنيَّة، وحسب ما إذا كنَّا نعتبر الأفلام "منتجات" اقتصاديَّة بحتة و/أو لها بُعد ثقافي... تختلفُ "وجهة النظر".

لا يمكن فهم طبيعة التحدِّيات إلا من خلال نهجٍ يأخذُ بعينِ الاعتبار الأبعادَ المتعدِّدة للاقتصاد والفن في السينما. إن البُعد السياسي والمؤسَّسي أمرٌ مهمٌّ يجب فحصه. لا يمكن تجاهل الإطار

القانوني: فهو يحدِّدُ ما هو ممكنٌ أو غير ممكنٍ من حيث التنظيم والمنافسة، وبالتالي يؤثِّر على إمكانيَّات تطوير السينما.

خاتمة

«الاتِّحاد في التنوع» هو الشعار الرسمي للاتحاد الأوروبي، و«الاتحاد يصنع القوة» هو شعار بلجيكا. كيف يمكن تكييف هذين الشعارين في المجال السينمائي والسمعي البصري؟ هل يمكن للتنوُّع الثقافي الذي يشكِّل أوروبا أن يثير اهتمام الجماهير الأوروبيَّة فنيًا؟ أم أنَّ هذا التنوع لا يُفهَم إلا كجمعٍ لثقافاتٍ متعدِّدةٍ لا تتواصل فيما بينها؟ أم أنَّ هناك مسارًا ثالثًا ممكنًا، كما دعا إليه إدغار موران في كتابه «التفكير في أوروبا» (Penser l’Europe)، حيث ابتكر مفهوم «الحواريَّة» (dialogique)؟ بحسب موران، ينبغي فهمُ النموذج الأوروبي وفقًا لمبدأ الازدواجيَّة: يمكن للمرء أن يشعر بأنَّه فرنسيٌّ وأوروبيٌّ في آنٍ واحد، 27ويمكن أن تتكوَّن الهويَّة الفرديَّة من عدَّة طبقات ثقافيَّة. بل إنَّ هذا التعدُّد في الهويات هو، بحسب موران، الترياق الأساسي ضد الانغلاق الهويَّاتي الذي يقوم على رفض الآخر.

إن الوسائل التي توفرها برامج MEDIA وEURIMAGES تبدو ضئيلة جدًا مقارنةً بحجمِ التحدِّيات: منافسة السينما الهوليووديَّة داخل أوروبا، خلق سينما أوروبيَّة بسوقٍ يتيح للأعمال الأوروبيَّة الانتشار بشكلٍ أوسع. في دراسة سابقة، حسبتُ أن برنامج MEDIA 28لا يمثل سوى 0,0007٪ من ميزانيَّة الاتحاد الأوروبي. أما برنامج EURIMAGES، فميزانيَّته السنويَّة تعادل ثلث ميزانيَّة فيلمٍ واحدٍ فقط من إنتاج أحد 29استوديوهات هوليوود الكبرى.

مهما كانت جدارة الأشخاص الذين يعملون لصالح هذه البرامج أو ضمنها، فإنَّهم لا يستطيعون سوى تقديم دعمٍ هامشيٍّ في سبيل إنشاءِ سينما أوروبيَّة، دون أن يكون بإمكانهم إحداث تحوُّلٍ بنيويٍّ في موازين القوى داخل السوق.

رغم أن الميزانيَّة المخصَّصة لبرنامج MEDIA قد زادت منذ إنشائه، إلا أنَّ هذه الزيادة تبقى نسبيَّة. والأهم من ذلك، أنَّها ترافقت مع مهامٍ جديدة، إذ أصبحت التقنيَّات الحديثة والوسائط الجديدة مشمولةً أيضًا ضمن نطاق البرنامج.

لا يعتمد الاتحاد الأوروبي نظامًا قادرًا على إنشاء سوقٍ أوروبيٍّ حقيقيٍّ للقطاع السمعي البصري، كما أنَّه لا يوفِّر فضاءً فعليًا للتبادل الفنِّي والثقافي، بل يتركُ للدول والأطراف الوطنية، سواء العامة أو الخاصة، الجزء الأكبر من الوسائل اللازمة لتمويلِ وتوزيع الأفلام الأوروبيَّة.

لا ينبغي الوقوع في التفسير المفرط المعاكس والقول إنَّ دعم البرامج الأوروبيَّة لا فائدة منه، فمثال الأفلام البلجيكيَّة يبيِّن بوضوحٍ أنَّه يمكن أن يكون لهذا الدعم تأثيرًا محفِّزًا... ولكن بشكلٍ أساسيٍّ ضمنَ إطار سينما المؤلف. غير أنَّ ميل المسؤولين عن برامج MEDIA، 30والسياسيِّين بشكلٍ أوسع، إلى الادعاء بأنَّ "أوروبا السينمائيَّة تسير قدمًا"، يتجاهل واقع الإحصاءات الصادرة عن المرصد الأوروبي للسينما. من هنا ينشأ شعورٌ بوجودِ خطابٍ مزدوجٍ بين واقع الميدان من جهة، وخطابات الترويج التي تحتفي بـ "سياسةٍ سمعيَّةٍ بصريَّةٍ أوروبيَّة"، وهي سياسةٌ موجودةُ بالفعل لكنَّها مصمَّمةٌ ومموَّلةٌ بطريقةٍ تترك المجال مفتوحًا أمام الهيمنة السمعيَّة البصرية الأمريكية في أوروبا... وأمام الإنتاجات ذات الجذور الوطنيَّة أو الإقليمية. وعلى مستوى الحصص السوقية، فإنَّ الأعمال الأوروبيَّة غير الوطنية ليست أكثر حضورًا اليوم ممَّا كانت عليه قبل نشأة البرامج الأوروبيَّة السمعيَّة البصريَّة، وبالتالي يبقى تأثير هذه البرامج هامشيًّا من منظور الاقتصاد الكلِّي.هل يمكننا، على غرار ما قاله فيم فيندرز، القول إنَّ «أوروبا بحاجةٍ إلى السينما الأوروبيَّة أكثر مما السينما بحاجةٍ إلى أوروبا31»؟ بمعنى آخر، هل فشلُ السينما الأوروبيَّة هو فشلٌ لأوروبا نفسها، دلالةٌ على عجزها عن صياغة أفقٍ مشترك؟ في بلجيكا، لا توجد أفلامٌ بلجيكيَّةٌ توحِّد الجمهور الفرانكوفوني والفلمنكي... ويبدو أنَّ الشعور بالانتماء إلى وطنٍ واحدٍ يتلاشى تدريجيًا في مسارٍ مؤسَّساتيٍّ يتَّجه نحو الكونفدراليَّة.

***

مصدر المادَّة:

Frédéric Sojcher, « Le cinéma belge comme laboratoire du cinéma européen : quels enjeux d’une politique européenne en matière de cinéma ? », Mise au point [En ligne], 13 | 2020, mis en ligne le 10 novembre 2020, consulté le 16 juillet 2025.

الهوامش:

1. أخذتُ هذه العبارة من بيير بورديو ومن محاضرته التي ألقاها في Collège de France، والتي نُشرت لاحقًا في كتاب Sciences de la vie et réflexivité، باريس، Éditions Raisons d’agir، ضمن سلسلة "Cours et travaux"، 2001.
2. تم تأسيس المعهد الوطني العالي لفنون العرض، الذي يُعتبر النظير البلجيكي لـ FÉMIS، بواسطة جان بريسمِي، جان-كلود باتز، وأندريه ديلفو.
3. أنظر
Jean-Claude Batz, L’audiovisuel européen : un enjeu de civilisation, Paris, Éditions Séguier, coll. « Carré cinéma », 2005.
4. Cinéma européen et identités culturelles, Bruxelles, Éditions de l’Université de Bruxelles, 1996.
5. من المهم الإشارة إلى أن هذا المزيج من المساهمات التي يقدمها ممارسو السينما والأكاديميون سيكون نهجًا منهجيًا، وهو ما سأطبقه طوال مسيرتي كأستاذ وباحث. كيف يمكن وضع الكلمات التي تم جمعها في سياقها؟ كيف يمكن من خلال "دراسات الحالة" للسينمات أن نغذي التأملات النظرية؟ كيف يمكن دراسة اقتصاديات السينما من خلال ربط مفهومي الإنتاج والإبداع، في ضوء قيود السوق والسياسة الثقافية؟
6. منذ عام 1985، في فيلمي القصير Fumeurs de charme، حاولت الحصول على تعاون إنتاجي مع فرنسا. وقد تم تسهيل ذلك من خلال وجود سيرج غينسبور في الفيلم.
بالنسبة للأفلام الطويلة الأربعة التي أخرجتها حتى الآن، كانت مسألة التعاونات الإنتاجية ضرورية لتمويل الأفلام نفسها. إحدى أسباب المشاكل التي واجهتها في فيلمي الطويل الأول (Regarde-moi, 2000) تعود إلى فشل المنتجين المساعدين اليونانيين والإيطاليين (للمزيد من التفاصيل، انظر كتاب Main basse sur le film, Paris, Séguier, 2002).
وفي سياق هذا المقال، يجب أيضًا أن أذكر فيلم Hitler à Hollywood (2011). في هذا الفيلم الوثائقي المزيف، كنت أستفحص الهيمنة الهوليوودية على السينما الأوروبية من خلال اختراع فكرة مؤامرة دبرتها الاستوديوهات الأمريكية.
7. La Kermesse héroïque du cinéma belge, trois volumes, Paris, Éditions L’Harmattan, coll. « Champs visuels », 1999.
8. Cinémas de Belgique, avec le pluriel porté au mot « cinéma », est le titre du livre de Paul Davay, Bruxelles, Éditions Duculot, 1973.
9. يُنتج السينما الهولندية عددًا أقل بكثير من الأفلام مقارنة بالسينما الفرنسية. علاوة على ذلك، فإن اللكنة الهولندية واللكنة الفلمنكية تختلفان بشكل كبير، مما جعل بعض الأفلام الهولندية تُعرض في بلجيكا مع ترجمة باللغة الفلمنكية، والعكس صحيح أيضًا. "الحاجة إلى أفلام باللغة الفلمنكية للجمهور الفلمنكي" هي إحدى العوامل التي قد تفسر النجاح التجاري للأفلام الفلمنكية في فلاندرز.
10. يتم تحديد شباك تذاكر الأفلام من قبل الاتحاد الوطني للموزعين البلجيكيين، مما يسمح بالتأكيد على هذا التفاوت الكبير في نوعية الأفلام البلجيكية التي تُعرض في فلاندرز وبروكسل ووالونيا.
11. أستعير هذه العبارة من كتاب شارل-ألبير ميشاليه Le drôle de drame du cinéma mondial, Paris, Éditions de la Découverte, 1987.
12. يقدم كتاب Le cinéma belge، الذي قامت بتنسيقه ماريان تيس وشارك في نشره Cinémathèque royale de Belgique وÉditions Ludion في عام 1999، حسابًا لجميع الأفلام الطويلة البلجيكية التي تم عرضها في دور السينما. قبل عام 1965، كان هناك ما بين صفر إلى نصف دزينة من الأفلام الطويلة البلجيكية المنتجة والمستغلة. بعد إنشاء الدعم العام لإنتاج الأفلام الطويلة، سيشهد عدد الأفلام المنتجة والموزعة سنويًا زيادة ملحوظة: من حوالي عشرة أفلام في نهاية الستينيات إلى حوالي عشرين فيلمًا في السبعينيات. سيظل عدد الأفلام المنتجة سنويًا ثابتًا في الثمانينيات، قبل أن يرتفع مرة أخرى في التسعينيات... مع ظهور دعم جديد، وخاصة من الاتحاد الأوروبي.
13. بعد انتهاء مسيرته في الاتحاد الأوروبي، توجه جان جانيو إلى الأدب حيث انكب على كتابة الروايات والقصص القصيرة، وكذلك على رئاسة تحرير أقدم مجلة أدبية بلجيكية Marginales. ومنذ عام 2016، يشغل أيضًا منصب رئيس المركز البلجيكي الفرانكوفوني في PEN International.
14. أفكر بشكل خاص في الفرنسي جاك ديلمولي، الذي أدار برنامج MEDIA، والفرنسي كلود-إيريك بويرو الذي أسس، ضمن برنامج MEDIA، دعمًا للصالات السينمائية التي تعرض حصة كبيرة من الأفلام الأوروبية، EUROPA CINEMAS.
15. ذلك لأسباب سياسية، حيث اعترضت بعض الدول الأعضاء على الدعم المالي للإنتاجات باستخدام أموال الاتحاد الأوروبي.
16. يمكن لكل دولة عضو في مجلس أوروبا أن تقرر ما إذا كانت ستشارك أم لا في صندوق EURIMAGES، مما يسمح بتجاوز تردد الدول التي لا ترغب في المساهمة في تمويل التعاونات الإنتاجية الأوروبية. كما يتم تخصيص جزء من صندوق EURIMAGES لتوزيع واستغلال الأفلام الأوروبية في الدول التي لا تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي ولا يمكنها الاستفادة من دعم التوزيع والاستغلال من برنامج MEDIA.
17. In Cinéma européen et identités culturelles, op.cit.
18. منحني داني غايس مقابلة من أجل إعداد رسالة الماجستير التي كنت أكتبها في عام 1992، في جامعة باريس 1 بانتيون-سوربون، تحت إشراف جان-بول توروك وعنوانها: Pour le développement d’un cinéma européen, à partir de l’exemple belge. كان داني غايس قد عمل كمنتج لأحد أفلامي القصيرة الأولى وهو Karmann Ghia (1984)، وكان يعمل لصالح شركة الإنتاج Iblis Films التي كان يديرها بيير دروو.
كان بيير دروو، قبل أن يصبح منتجًا، مخرجًا لأربعة أفلام طويلة شارك في توقيعها مع بول كوليه في الستينيات والسبعينيات. ويُعد بيير دروو أحد المنتجين-المخرجين القلائل الذين يشعرون بالراحة في كلا السينمايين الفرانكوفونية والفلمنكية في بلجيكا. وقد قام بإنتاج، من بين أفلام أخرى، فيلمًا طويلًا وثائقيًا لأندريه ديلفو باللغة الإنجليزية (To Woody Allen, from Europe with Love - 1979) وفيلمًا طويلًا خياليًا لهنري ستورك وباتريك كونراد تم تصويره بالفلمنكية (Permeke - 1986).
كان بيير دروو يدرس الإنتاج في INSAS، حيث كان من بين طلابه جاكو فان دورميل... وداني غايس. سيتوقف بيير دروات عن أنشطته كمنتج في منتصف التسعينيات، ولكنه سيعود إلى الساحة السينمائية البلجيكية في عام 2006 عندما تم تعيينه مديرًا لـ VAF (صندوق الصوتيات البصرية الفلمنكي).
19. تم حل لجنة الدفعات المقدَّمة على الإيرادات الفلمنكية التي كانت تعمل منذ عام 1965 في عام 2002، واستُبدلت بـ VAF (صندوق الصوتيات البصرية الفلمنكي). يهدف VAF إلى تجميع جميع أنواع الدعم العام للسينما والسمعي البصري الفلمنكي في خدمة واحدة، وبالتالي توفير رؤية شاملة حول الوسائل الواجب تنفيذها... مع الطموح في جعل "السينما الفلمنكية" قائمة.
بدلاً من لجنة تقرر أي الأفلام ينبغي دعمها، يستمر "الخبراء" في النموذج الجديد في تقديم آرائهم حول السيناريوهات المقدمة إلى VAF، لكن المدير العام للمؤسسة هو من يقرر في النهاية أي المشاريع سيتم دعمها ماليًا.
كان المدير الأول لـ VAF هو لوكاس فاندر تالين (وهو سياسي من الحزب البيئي الفلمنكي). يجب على الأرجح دراسة الروابط بين عالم السياسة والسياسة الثقافية بشكل أعمق. تولى بيير دروو إدارة VAF في عام 2006 وظل في منصبه حتى عام 2017؛ ومنذ ذلك الحين، تم تعيين إروين بروفوست مديرًا لـ VAF، الذي يشترك مع بيير دروات في كونه كان منتجًا سابقًا.
20. فيليب رينار هو في المقام الأول عاشق للسينما. كتب رسالة تخرجه حول أفلام أندريه ديلفو. ثم أصبح ناقدًا سينمائيًا، ومن ثم رئيس تحرير لمجلة Vision في الثمانينيات. وتعد هذه المجلة هي الوحيدة من نوعها في بلجيكا الناطقة بالفرنسية التي تتمتع بتوزيع حقيقي وأهمية، بفضل موهبة فريقها التحريري.
21. تلقيت دعمًا للإنتاج من صندوق بروكسليماج لفيلم «هتلر في هوليوود» (Hitler à Hollywood). منذ عام 2016، قسِّمت صناديق فاليماج وبروكسليماج، وأصبح بروكسليماج يعرف الآن باسم شاشة بروكسل.
22. هناك عدة مستويات من السلطة في بلجيكا: المناطق (فلاندرز، والونيا، بروكسل، والمنطقة الناطقة بالألمانية)، الاتحاد والوني-بروكسل (الذي يدير شؤون التعليم والثقافة من الجانب الفرانكوفوني)، والمستوى الوطني (الذي يدير القضايا السيادية والسياسة الضريبية).
23. الفيلم الذي يحصل على موافقة CNC (المركز الوطني للسينما) لديه فرص أكبر بكثير في العثور على موزع في فرنسا، لأن الأفلام المعتمدة من قبل CNC تحصل على دعم مالي لتوزيعها في دور السينما. يشهد عدد متزايد من الإنتاجات البلجيكية الناطقة بالفرنسية صعوبة في العثور على منتج فرنسي مشارك، وبالتالي غالبًا ما لا يتم عرضها في فرنسا... أو تُعرض بشكل محدود جدًا.
24. يجب أن أوضح هنا أن آخر فيلمين لي قد استفادا من الملجأ الضريبي، مثلما هو الحال مع معظم الإنتاجات التي تُصور في بلجيكا منذ تطبيق هذا النظام.
25. يجدر بالذكر أن الصناديق الإقليمية تُعتبر تمويلات عامة.
26. يجب أن يتم التعامل مع مفهومي الفشل والنجاح بشكل موضوعي. أستند إلى الفجوة الموجودة بين الطموحات التي يعلن عنها برامج السمعي البصري لبناء سوق سينمائي أوروبي في ضوء التنوع الثقافي... لأتناول هذه الفكرة المتعلقة بالفشل النسبي.
27. Edgar Morin, Penser l’Europe, Paris, Gallimard, coll. Folio, 1987.
28. Frédéric Sojcher, Pratiques du cinéma, Paris, Éditions Klincksieck, 2011.
حساب ما يُمثّله اليوم دعم القطاع السمعي البصري الأوروبي من خلال عملية حسابية بسيطة (قاعدة الثلاثة)، بين ميزانية برنامج MEDIA والميزانية العامة للمفوضية الأوروبية، يُعدّ تمرينًا أكثر تعقيدًا. ذلك لأن البرنامج، منذ عام 2014، بات يحمل اسم «أوروبا المبدعة MEDIA» ويشمل ضمن ميزانية واحدة الجانب الثقافي (بالمعنى الواسع)، والتراث الثقافي، والدعم الموجّه لوسائل الإعلام والقطاع السمعي البصري. وقد خُصّص لبرنامج «أوروبا المبدعة MEDIA» منذ عام 2014 مبلغ قدره 243 مليون يورو سنويًا. ويجب وضع هذا المبلغ في سياق الاستثمارات الموجودة في مجال السمعي البصري في كل بلد من بلدان الاتحاد الأوروبي.
29. بلغت ميزانية برنامج EURIMAGES لعام 2019 26 مليون يورو، تُخصّص بكاملها لدعم الإنتاج المشترك وتوزيع الأفلام الأوروبية داخل أوروبا.
30. بشكل عام، لم تتغير الحصة السوقية للأفلام الأوروبية في صالات العرض الأوروبية منذ أواخر الثمانينيات (أي منذ انطلاق البرامج السمعية البصرية الأوروبية). فهي تتأرجح بين 20 و30% حسب السنوات، مقابل ما بين 65 و75% للسينما الأمريكية، وأقل من 5% لجميع السينمات العالمية الأخرى. وتجدر الإشارة إلى أن الحصة السوقية المذكورة للسينما الأوروبية تشمل أيضًا الإنتاجات الوطنية.
31. Wim Wenders, in Fabien Maray (coordinateur), Visages du cinéma européen, Bruxelles, Éditions Le Félin/Luc Pire, 2003.

اشترك في النشرة البريدية

احصل على أحدث المقالات والأخبار مباشرة في بريدك الإلكتروني
تم إضافتك ضمن النشرة البريدية, شكرًا لك!
نعتذر حدث خطأ, الرجاء المحاولة مرةً أخرى