السينما لسان المجتمع، وعلى المواضيع التي تتناولها أن تعكس شيئا منه، وهذا ما لمسته في أفلام السينما الإيرانية التي تعالج مواضيع مهمة وجريئة ومتصلة بالواقع اتصالًا وثيقًا.
«أذكر جيداً لحظة لقائي الأولى بالسينما الإيرانية حين شاهدت فيلم المخرج أصغر فرهادي «انفصال ياسمين ونادر»، حينها أصابني الذهول من الاهتمام بالتفاصيل والحوارات التي تدفع المرء للإحساس بأن ما يراه ليس تمثيلًا على الإطلاق. ورغم أنني لم أحمل أي حماس للفيلم قبل مشاهدته بل وتوقعته فيلمًا ساذجًا، إلا أنه سرعان ما اختفت هذه النظرة حتى بلغ بي الأمر أن أوصيت عددًا من الأصدقاء بمشاهدته، وإذ لم يشاهد ربعه أي منهم فإنهم قد فوّتوا بذلك على أنفسهم خيرا كثيرا». انطلقت بعدها باحثًا عن الأفلام التي أخرجها أصغر فرهادي لأن فيلمه كان سبب تعلّقي بالسينما الإيرانية بشكلٍ عام، ولم أرِد أن أُتابع غيره كي لا أخذل أو يقل حماسي فشاهدت جميع أفلامه وكانت كلها تفوق توقعاتي وتزيدني حُبًّا بالسينما الإيرانية.
وأخذ حرصي يزداد مع الوقت، فشاهدت فيلمًا وثائقيًا عن السينما الإيرانية بعنوان «الروح المجهولة» حيث استضاف كبار صنّاع السينما الإيرانية من مخرجين ومنتجين وكتّاب وممثلين؛ رغبةً مني بفهم تطوّر أفلامهم وتاريخها. وفيه وجّه المُحاور سؤالاً للمخرج «كيالوش عياري»، قائلًا: هل الأشخاص العاملين في السينما الإيرانية يعتمدون على فطرتهم الإنسانية في الأعمال أم أن أعمالهم نتاج تعليم واكتساب؟ وأجاب: «أن ما أدى إلى تطوّر السينما الإيرانية هو تجارب الإنسان الحياتية فهي الأساس، أمّا ما يتعلّمه من مهارات فهي أدوات يجب توظيفها بالشكل المطلوب وليس الاعتماد عليها فقط». وقد أشعل هذا الجواب لمبة في رأسي وولّد تساؤلات كثيرة عن كتابة سيناريو الفيلم ومراحله، فقرأت لأصغر فرهادي وشاهدت جميع لقاءاته، وفي أحد اللقاءات، سأله المُحاور عن سِر تميّزه في كتابة الشخصيات، وأجاب «بأنه يعطي مساحة كاملة لكل شخصية بأن تستخدم ذكرياتها وأفكارها وأسلوبها وآرائها بحيث يفهم المُشاهد السبب من وراء تصرفاتهم بما يخدم القصة ويضعها في صُلب واقع المجتمع». ولا أخفي عليكم دافع الفضول مني فهو سبب أساسي لفهم منهم الشعب الإيراني؟، وكيف هي حياتهم وعيشتهم التي بالكاد تسمع عنها شيء.
يمتلك المخرج أصغر فرهادي فلسفة تكمن في إعطاء الحرية للمُشاهد للحُكم على نهاية القصة فتأخذ القصة منحنيات مرنة وواقعية لا تربط المخرج في إطار صغير ضيق يُجبره على نهج اتجاه واحد وكأنهُ همّش بطريقة غير مباشرة الآراء المختلفة، ولذلك هو يبدي من وجهة نظر كل شخصية أو مجتمع رأيه ويدع المُشاهد هو من يقرر بناءً على تجاربه وآرائه. وما يؤكد هذه الفلسفة أن غالبية أفلام أصغر فرهادي غير متوقعة النهاية، وقد زادتني تعلّقاً بها فهي الأقرب واقعًا والأصدق شعورًا.
« توصيات تُدخلك للسينما الإيرانية »
- فيلم «انفصال ياسمين ونادر» :
حصل على جائزة الأوسكار و تقييمه في imdb 8.3
يتكلم عن زوجان يواجهان قرارًا صعبًا - في تحسين حياة طفلهما
من خلال الانتقال إلى بلد آخر أو البقاء في إيران
ورعاية أحد الوالدين المصاب بمرض
الزهايمر وحالته متدهورة.
- فيلم «بخصوص إيلي» :
من إخراج أصغر فرهادي و تقييمه في imdb 7.9
يتكلم عن مجموعة من زملاء الدراسة السابقين في أحد الجامعات الايرانية
يخططون للذهاب مع عائلاتهم في نزهة إلى شاطئ بحر قزوين حيث تدعو
سيبيده، منظمة الرحلة، إيلي وهي معلمة رياض الأطفال لطفلها لمقابلة صديقها
الآخر، أحمد. من ألمانيا. إيلي تتردد في قبول الدعوة ولكنها توافق.
- فيلم «طعم الكرز» :
من إخراج عباس كيارستمي و تقييمه في imdb 7.7
يتكلم عن السيد بادي، يخطط لإنهاء حياته وهو في منتصف العمر، ويسعى بشدة إلى
أي شخص لمساعدته - لقد حفر بالفعل القبر في الجبال، لكن يتعين على
المساعد دفنه عندما يقوم بالعمل. يسأل الجندي الكردي، الإكليريكي الأفغاني،
لكن الجميع يرفضون لسبب ما.