«مثلَّث الحُزن»: المفارقات الممتدَّة لِملِك القذارة.

March 21, 2023

يُواصل المخرج والكاتب السويدي «روبن أوستلوند - Ruben Östlund» في فيلم «مثلَّث الحُزن- Triangle of Sadness» تقديم نَقدِه الحاد واللَّاذع لأنماط الحياة المعاصرة، وذلك من خِلال سردِية مُتماسكة قائِمة على السُّخرية وإبراز المفارقات في قالب دراميّ وكوميدي.

يأتي «مثلَّث الحُزن» في ثلاثة أقسام؛ يتناول الأوَّل علاقة شابّ وشابّة، «كارل - الممثل هاريس ديكنسون» و «يايا - الممثلة شاربي دين» والصُّعوبات التي تُواجههمَا في إدارة أبسط التفاصيل الحياتيَّة والماليَّة، ثُم يتناول القسم الثاني رِحلة «كارل» و«يايا» مع مجمُوعة من الأغنياء في يخت فخم، ويُبرِز العلاقة ما بين الأغنياء بعضُهم بِبَعض، وعلاقتهم بِطاقم اليخت، والعمَّال والخَدم، إضافة إلى رُؤيتهم للثَّراء والفقر، والتمتُّع بملذاتِ الحياة. ثُم يأتي القسم الأخير بعد غرقِ اليخت ونَجاةِ بعض الرُّكاب ليحكي مُحاولة الجميع النَّجاة في جزيرةٍ نائِية في مُحاكاة لِخُطوات البشر الأولى على هذه الأرضِ.

من خِلال هذا السَّرد العامّ تَبرُز شخصيَّات الفيلم الرئيسيَّة، ومنها بالإضافةِ إلى «كارل» و«يايا» في أقسام الفيلم الثَّلاثة، شخصية «ديمتري» الملياردير الروسي (يقوم بالدور زلاتكو بوريتش) وكابتن اليخت «وودي هارلسون» في القِسم الثَّاني، أما القِسم الثاَّلث فبالإضافةِ إلى هذه الأسماء "باستثناء الكابتن" تَبرُز «أبيغيل» إِحدَى عامِلات النظافة (قامت بِدورها المُمثلة دوللي دي ليون) لِيتمحور هذا الجزء حولها إضافةٌ إلى شخصيَّات «كارل» و«يايا» و«ديمتري» وآخرُون. 

هذه الأقسامِ الثَّلاثة للفيلم لا تعكِسُ ضرُورات ترتبطُ بسرديَّة الفيلم وتطوُّره أو السيناريو فقط، ولكنَّها تعكِسُ ثلاثة مستويات من العيشِ أو ثلاثة عوالِم من الوجود أرَادَ «روبن أوستلوند» تسليط الضَّوء عليها. 

في المستوى الأوَّل، تَتمحور الحبكةُ حول الحياة الشخصيَّة أو عَالمِ الأدوار الجندريَّة، وفي المستوى الثاَّني نجِد الحياة الحضاريَّة أو عَالمِ الطبقات الاجتماعية، وفي المستوى الثَّالث نجِد الحياة البدائيَّة أو مجتمع ما قبل التاريخ. وفي كل مُستوى من هذه المُستويات أو عَالَم مِن هذهِ العوالِم تبرزُ الشروط التي تحكُمه وتسيِّر سلوك أفرادِه، والتي يُبدع مخرج وكاتب الفيلم السويدي «روبن أوستلوند» في طرقِها. 

الحياة الشخصيَّة أو عَالَم الأدوار الجندريَّة:

يُلامِس هذا الجزء من «مثلَّث الحُزن» جوانب الحياة الشخصيَّة للإنسان المعاصر، من خلال العلاقات الشخصيَّة الحميمة ما بين الرجل والمرأة، ومدارهَا وشروطهَا ومقوِّمات نجاحها أو فشلها أو اختلالها. 

يقدِّم الفيلم نموذج «كارل» و «يايا» بِاعتبارهما نموذجًا لارتباك العلاقة بين الجنسين في عَالمِنا المعاصر.  فالمرأة الشابّة «يايا» هي "المعِيل" أو الطرف "ذو الدَّخل الأكبر" بحسب تعبيرها، وهذه النُقطة هي مرتكز اِختلال العلاقة بين الجنسين. لكِن في الوقت نفسه نجِد أنها لا تمِلك المال، فكارل هو الذي يدفع فاتورة المطعم وهو الذي "يُحاسِب" دائمًا على حدِّ قوله.  أما «يايا» فهي المعيل أو «provide» في العلاقة، ليس لأنها تكسب أو تملك الكثير من المال، ولكن لأنها تعمل "مُؤثرة" أو "مشهُورة" ولذا فإنها "تحصل على الكثير من الأشياء المجَّانية" والتي تتضمَّن المأكل والمسكن ومنتجات أخرى. 

رغم كل التغيُّر الذي شهدته العلاقات الاجتماعيَّة في عَالمِنا اليوم، إلا أن «مثلَّث الحزن» يؤكد أن العلاقات الشخصيَّة أو الأدوار الجندريَّة وإن تغيرَت بالظَّاهر إلا أنها لم تتغيَّر في مكامِنها ومحرَّكاتها. فما زالت مسألة «المعِيل» و «صاحب الدخل الأعلى» هي التي تُحدَّد ملامِح العلاقات بين الجنسين. وهنا نُصادِف ذروة السُّخرية، لا في مُنتصف هذا الجزء أو في آخره، وإنما في المشهد الافتتاحيِّ للفيلم، عندما كانت أجساد الرِّجال شِبه العُراة، عارضِي الأزياء، تتزاحم في جلسات التَّصوير وعلى خشبة المسرح، مع عِبارات نسويَّة ومعبِّرة عن آخر «مُوضات» الحِراك الاجتماعيِّ عالميًا. فنجِد أن العبارات نسويَّة وثورِيَّة من أجل المرأة تَظهر في خلفية عُروض لِرجال سُلعت أجسادهم وأرواحهم، فالمشهد يفضحُ ازدواجيَّة المعايير ويكشِف عن زيفها وانحيازهَا.

الحياة الحضاريَّة أو عَالَم الطَّبقات الاجتماعيَّة:

في اليخت، يبدُو وكأن كُل شيء قد تُحدِّد سلفًا، فكل الموجودين على اليختِ الفاخر يعرفون أدوارهم بدقَّة. فهناك طبقة النُّزلاء أو الضُّيوف الأثرياء؛ وهي الطَّبقة التي تصدر الأوامر والطَّلبات و "لا يَردُّ لها طلب". وهناك طبقة المُستضِيفين، أو لِنقُل طبقة طاقِم اليخت، وشعارُها «نعم سيدي» أو «نعم سيدتي»، وهي الطَّبقة التي تحرُس النِّظام وتحكُم العُمال أو الخدم، وهؤلاء هم الطَّبقة الثالثة غيرُ المرئيَّة في كل المشهد؛ الطَّبقة العامِلة التي تُنظِّف اليخت ويقوم عليها رَفَاه بقية الطَّبقات، لكنها طبقةٌ لا وجُود لها، فهي موجودة وغائِبة، مرئية ومختفية، أفرادُها يسيرون وليس لهُم وزنٌ. 

يَحكُم هذا العالم مِقدار الثَّروة، وهنا نجِد النُّزلاء في رحلةٍ للاستِمتاع بكل ما على اليخت، حتى وإن كان ذلك من خِلال إرغام الآخرين على الاستِمتاع، كما فعلت زوجة ديمتري الملياردير الروسي "مالِك اليخت الجديد" عندما أرغمت طاقم اليخت على أن "يستمتِعوا" بوقتهم وأن يَسبحُوا معها في المسابح الفارهة المخصَّصة للضُّيوف. أو من خِلال وضع القوانين وخرقِها في نفس الوقت؛ فكارل يذهب للشَّكوى على أحدِ العُمال لأنه ينظف الأشرِعة وهو شِبه عارٍ "دون أن يرتدي قميصًا" في الوقت الذي يتجوَّل فيه «كارل» في اليخت بلا قميص أيضًا لحظة تقديمهِ هذه الشَّكوى. 

تحتشِد المُفارقات في القسم الثَّاني من الفيلم، والذي هو الأكثر عبقريَّة والأكثر إحكامًا من بين أقسام الفيلم الثَّلاثة. يبدأ هذا القِسم بمشهد ومفارقة عبقريَّة، إذ يقوم «كارل» بتصوير رفيقته «يايا» إحدى مُؤثرات ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعيِّ، وهي ترفع السباغيتي لِتأكُلها، ثم تعيدها إلى الصَّحن ولا تأكلها بعد التَّصوير. هنا يتساءلُ «ديمتري» الذي يُقاسِمهما الطاولة: أَلن تأكلي السباغيتي؟ فيجيب «كارل» بأن لدى «يايا» حساسِية "غلوتين" وأنها لا تأكل السباغيتي، ثم تُعلَّق «يايا» بأن المشهد "للتصوير" فيُعاود «ديمتري» السؤال: ماذا تَعملِين؟ وَتُجيب أنها "مؤثرة في وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ".

وهنا تأتي المُفارقة المحوريَّة في الفيلم؛ عِندما تسأل «يايا» الملياردير الروسي عن أعماله، فيقول «أنا ملك القذارة» ثم يستطرِد شارحًا بأنه عمل تاجرًا للأسمِدة الزراعيَّة في ثمانينيَّات الاتحاد السوفيتي، وأنه كوَّن ثروتهُ من بيع الأسمِدة وأصبحت أعمَاله كبيرةً ومؤثرةً حتّى أصبح لقبه "ملِك الخراء" أو "ملِك القذارة" أو "King of shit" لكن السؤال هنا، من هو ملِك القذارة فعلاً؟

مُفارقات «ملِك القذارة» 

«ملِك القذارة» هو أجمل شخصيَّات «روبن أوستلوند» وأكثرها نضجًا في «مثلَّث الحُزن»، فشخصيَّته ومشاهده مَلِيئة بِالمفارقات التي اِجترحهَا الكاتب والمخرج لِيوصِّل رُؤيته عن عَالمِنا المعاصر.

في مَدخل القِسم الثَّاني نجِد «يايا»، مُؤثرة مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ، التي لا تقُوم بأي عمل مُنتِج طوال يومهَا سِوى تصوير نمط حَياتها المتخيَّل الذي لا تملِك قِيمته ولكنها تدعِيه لأنَّها نالته "مجانًا" مُقابل إِعلاناتها. فهي حرفيًا "تبيع الخراء" على النَّاس. هي ليست غنيَّة لِتملُك حياة الرَّفاهية التي تدَّعيها، حتى أنها لا تأكل ما تدَّعِي أنها تأكله، فكل عيشها مُزيَّف. وفي المقابل، فإن من يُسمَّى "ملك القذارة" هو «ديمتري» بائع الأسمِدة الذي رُبما ساهَم في زراعة آلاف المزارع وإطعَام ملايِين البشر. 

لكِن مُفارقات «ديمتري» لم تبدَأ بعد، فصاحبنَا الذي يكرِّر طَوال الفيلم «أنا ملِك القذارة... أنا ملِك القذارة» يهذي بالنظريَّات والأفكار الرأسماليَّة طوال الوقتِ، فهو ملياردير روسي، كوَّن ثروته في زمن الشُّيوعية، وهو رأسماليُّ الهوى يَكره «ماركس» وتنظيرات «إنجلز» ويردِّد نكات الرئيس الأمريكي «رونالد ريغان» عن الشُّيوعية والاتحاد السوفيتي. وهذه التنظيرات الرأسماليَّة التي يُرددها «ديمتري» يُقدمها الفيلم باعتبارها جزءًا من "القذارة" التي تتردَّد طوال الوقت وليس لها معَنى، وهذه التنظيرات تُقال أيضًا لأشخاص لا تهمُّهم، ولا يستفيدون مِنها، ومشغولون بصراعات الحياة اليوميَّة.

ثُم يأتي المشهد الأكثر إِثارةً في الفيلم، عِندما تعصِف الأمواج باليخت، ويتسمَّم الضُّيوف بالطعام، نجِد أن «ملِك القذارة» يصمُد في وسط هذِه المعْمعة مع كابتن اليخت «وودي هارلسون»، المختفي طوال الفيلم، والسِّكير طوال الوقت، واشتراكيَّ الهوى المدافع الشرِس عن «ماركس» الذي اِستبدل المحَار وأقدام الأخطبوط بالبرجر مع البطاطا المقليَّة والكاتشب.

يَبرُز هُنا فخّ التَّنظيرات المنفصِلة عن الواقع؛ فالملياردير الروسي الرأسماليَّ يدخلُ في حِوار ومُناظرة مع الكابتن الأمريكي اليساريِّ -وهمّ جميعًا سُكارى- حول الرأسماليَّة والشُّيوعية والأنماط الاقتصاديَّة الملاءِمة للمجتمعات، وهذا النِقاش يُبثّ مباشرةً عَبر مكبِّرات الصَّوت في اليخت لجميع الرُّكاب، وهم بين طبقة الأغنياء (الضُّيوف) الذين يقضون وقتُهم لحظتهَا بين الاسِتفراغ والإسهالِ بفعل الطَّعام الفاسِد الذي أكلوه وسَط عاصفةٍ هوجاء تضربُ اليخت، وطبقة المُضيفين أو الطَّاقم وهم يُحاولون إعادةَ الأمور إلى طبِيعتها وحِفظ النِّظام العام، وأخيرًا طبقة العُمال غير المرئيَّين الذين يُحاولون التنظيف وسط  هذا الوضع الكارثيِّ، كل هذا يحدُث في خِضم تنظيرات «ملك الخراء» و «الكابتن» حول كِتابات «ماركس» و «أنجلز»، ونِكات وحِكمة «رونالد ريغان» و «مارغريت ثاتشر» وفضيلةُ الرأسماليَّة ورذائِل الشُّيوعية.

الحيَاة البدائيَّة أو مُجتمع ما قَبل التاريَّخ:

بِعد هُجوم القراصنة على اليخت، وغرقه، ونَجاة رَهط من الرُّكاب على ساحِل مجهُول، تنقلِب الأحوال رأسًا على عقِب. تنقلِب الأدوار الجندريَّة، وتنقلِب الطَّبقات الاجتماعيَّة، وسيكُون البقاء لِمن يملك مقوُّمات النَّجاة في الطبيعة بغضِّ النظر عن جِنسه أو مكانتهِ الاجتماعيَّة أو مِقدار الأموالِ التي يملكُها أو التوجُّهات السياسيَّة التي يعتنقُها، وهذا هو القسم الثَّالث من الفيلم. 

هنا تَظهر «أبيغيل» إِحَدى عامِلات النَّظافة في الفيلم، لتُصبح هي سيَّدة رَهط النَّاجين، لأنها تعرِف كيف تُشعل النَّار، وتَصيد السمك، وتطبخ الطَّعام، فهذا العَالم غير محكومٍ بمقدار أموالكَ في البنك بل بقُدرتك على النَّجاة.  

يستوعِب الجميع تدريجيًا تغيُّر الأحوال، فعِندما يحاولون مقايضةٌ «أبيغيل» النوم في القارب الدَّافئ مُقابِل ساعات الرُّولكس أو الحِصص في الشَّركات العابرة للقارَّات هي لا ترفُض، بل لا تُناقش العَرض من الأساس! لأنه بِلا معنىً. فهُنا الحاجةُ مُلِحِّة للدَّفء وللطَّعام والشَّراب للنَّجاة الآنيَّة، الأمرُ الذي جعلَ «أبيغيل» تتسيَّد رَهط النَّاجين، فتبدأُ بمعاملةِ "رعاياها" مُعاملةً اِستعلائيّة، فتُعاقِب وتُكافِئ، ثم تُكافئ نفسَها باستِغلال «كارل» جنسيًا ويبدأ الجميع بمدارِتها والتودُّد إليها لِكونها "المعيل" أو المتعهِّد الجديد بالرِّعاية.

هنا لا تُوجد طبقاتٌ اجتماعيَّة، ولا مكانة لأحدٍ، ولا أدوار جندريَّة، فحياة رَهط النَّاجين تتحول إلى حياة الصَّيادين وجامِعِي الثِّمار، فيقضُون يومهم في تأمينِ لُقمة العيش، ثم يتسَامرون حول النَّار، يحتفِلون ببطولاتهم أحيانًا، كما احتفلُوا عندما قتل أحدُهم حمارًا بضربِه بحجرٍ على رأِسه، إذ تم تخليدُ هذه اللحظة التاريخيَّة بعشاءٍ فاخر بمقاييسهم، ونقشٍ للحمار في الكهف تخليدًا للذكرى. 

بعد سِلسلةٍ من الحوادث والمُفارقات تكتشِف «يايا» أنهم يعيشون بالقرب من منتجعٍ سياحي فخم، وهنا يترُك لنا «روبن أوستلوند» نهايةً مفتوحة ومُبهمة بمشهد حمل «أبيغيل» لحجرٍ كبير وهي تُخاتِل «يايا» من الخلف، فلا نعرف هل تمكَّنت «يايا» من الوصولِ إلى المنتجع وإنقاذِ الجميع من البُؤس وقلبِ الأدوار الاجتماعيَّة التي فرضتها الطَّبيعة، أم أن «أبيغيل» قتلتها لِتواصل تحكُّمها بالوضعِ القائِم، إذ النَّجاة مُرتبطة بِالتغلُّب على الطَّبيعة عبر إشعال النَّار وجمعِ الثِّمار وصيدِ الحيوانَات. 

خاتِمة عن الكاتب والمخرج «روبن أوستلوند»

من خِلال «مثلَّث الحُزن» أو «Triangle of Sadness» وفيلم «السَّاحة» أو «The Square» وإن اِختلفت قوالِب العرض نستطيع أن نرى اِهتمامَات الكاتب والمخرج السويدي «روبن أوستلوند» المُرتبطة بِنقد الحياة المُعاصِرة بما تتضمَّنه من أدوار جندريَّة، وطبقات اجتماعيَّة، وتأثيرات وسائِل التَّواصل الاجتماعيَّة ووسائل الإعلام، والفنُّ المُعاصِر، ورؤيَة البشر إلى ذواتهم والآخرين.

وسترى في هذِه الأفلام تأثَّر «أوستلوند» بالمخرج السويدي الكبير «روي أندرسن». فإن كانت رُباعيَّة الوُجود لـ «روي أندرسن» -كتابةً وإخراجًا- عبارة عن لوحات تُسلّط الضوء على مأزقِ الإنسان المُعاصِر، فإن روح هذه المشاهِد موجودةً في أفلام «روبن أوستلوند» ونراها في «مثلَّث الحُزن» في مشهد افتتاحيَّة الفيلم والرِّجال شِبه العُراة عارضِي الأزياء، ومشهد الملياردير «ديمتري» وهو يجهشُ بالبكاء محتضنًا جُثة زوجتهِ في الوقت الذي بَدأ فيه بنزعِ أقراطِها وأساوِرها، أو مشهد العجوز البريطاني المهتمَّ بـ "نشر الديمقراطيَّة" في العَالَم عبر "بيعِ الأسلِحة والقنابل" أو مشهد «كارل» وهو يجلس بالقُرب من «أبيغيل» الشّاب الوسيم المُستغلّ جنسيًٍا من "معيل" رَهط الناجين، أو مشهدِ زجاجة العِطر وسط المزبلة والتي أصبحت بلا قيمةٍ في حياة الطَّبيعة، أو مشهدِ قتل الحِمار والذي شارك فيه نِصفُ رَهط النَّاجين ثم خلَّدوه بنقشٍ في الكهف.

فإِنّ كان «روي أندرسن» يُقدِّم رؤيةً أكثر عمقًا تتعلَّق بالوجُود، والعمَل، والدِّين، ومعنَى الحياة، فإِنّ «أوستلوند» يُعالِج قضَايَا أكثر مُعاصرةً وأكثر وضوحًا بقوالب أكثر بساطةٍ لا تنقُصها الدّراما والكوميديَا السَّوداء.

الهوامش:

1. رباعية «روي أندرسن»
Songs from the Second Floor  
You, the Living
A Pigeon Sat on a Branch Reflecting on Existence
About Endlessness
2. فيلم «الساحة» أو «The Square» لِلمخرج والكاتب «روبن أوستلوند»

اشترك في النشرة البريدية

احصل على أحدث المقالات والأخبار مباشرة في بريدك الإلكتروني
تم إضافتك ضمن النشرة البريدية, شكرًا لك!
نعتذر حدث خطأ, الرجاء المحاولة مرةً أخرى